(وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤٦) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٤٧)
____________________________________
* الأرض أو من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة أو ما تقدم من الذنوب وما تأخر (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) إما حال من واو اتقوا أو غاية له أى راجين أن ترحموا أو كى ترحموا فتنجوا من ذلك لما عرفتم أن مناط النجاة ليس إلا رحمة الله تعالى وجواب إذا محذوف ثقة بانفهامه من قوله تعالى (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) انفهاما بينا أما إذا كان الإنذار بالآية الكريمة فبعبارة النص وأما إذا كان بغيرها فبدلالته لأنهم حين أعرضوا عن آيات ربهم فلأن يعرضوا عن غيرها بطريق الأولوية كأنه قيل وإذا قيل لهم اتقوا العذاب أعرضوا حسبما اعتادوه وما نافية وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار التجددى ومن الأولى مزيدة لتأكيد العموم والثانى تبعيضية واقعة مع مجرورها صفة لآية وإضافة الآيات إلى اسم الرب المضاف إلى ضميرهم لتفخيم شأنها المستتبع لتهويل ما اجترءوا عليه فى حقها والمراد بها إما الآيات التنزيلية فإتيانها نزولها والمعنى ما ينزل إليهم آية من الآيات القرآنية التى من جملتها هذه الآيات الناطقة بما فصل من بدائع صنع الله تعالى وسوابغ آلائه الموجبة للإقبال عليها والإيمان بها إلا كانوا عنها معرضين على وجه التكذيب والاستهزاء وإما ما يعمها وغيرها من الآيات التكوينية الشاملة للمعجزات وغيرها من تعاجيب المصنوعات التى من جملتها الآيات الثلاث المعدودة آنفا فالمراد بإتيانها ما يعم نزول الوحى وظهور تلك الأمور لهم والمعنى ما يظهر لهم آية من الآيات التى من جملتها ما ذكر من شئونه الشاهدة بوحدانيته تعالى وتفرده بالألوهية إلا كانوا عنها معرضين تاركين للنظر الصحيح فيها المؤدى إلى الإيمان به تعالى وإيثاره على أن يقال إلا أعرضوا عنها كما وقع مثله فى قوله تعالى (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) للدلالة على استمرارهم على الإعراض حسب استمرار إتيان الآيات وعن متعلقة بمعرضين قدمت عليه مراعاة للفواصل والجملة فى حيز النصب على أنها حال من مفعول تأنى أو من فاعله المتخصص بالوصف لاشتمالها على ضمير كل منهما والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال أى ما تأتيهم من آية من آيات ربهم فى حال من أحوالهم إلا حال إعراضهم عنها أو ما تأتيهم آية منها فى حال من أحوالها إلا حال إعراضهم عنها (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) أى أعطاكم بطريق التفضل والإنعام من أنواع الأموال عبر عنها بذلك تحقيقا للحق وترغيبا فى الإنفاق على منهاج قوله تعالى (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) وتنبيها على عظم جنايتهم فى ترك الامتثال بالأمر وكذلك من التبعيضية أى إذا قيل لهم بطريق النصيحة أنفقوا بعض ما أعطاكم الله تعالى من فضله على المحتاجين فإن ذلك مما يرد* البلاء ويدفع المكاره (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالصانع عزوجل وهم زنادقة كانوا بمكة (لِلَّذِينَ آمَنُوا) تهكما* بهم وبما كانوا عليه من تعليق الأمور بمشيئة الله تعالى (أَنُطْعِمُ) حسبما تعظوننا به (مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ