(أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (٨١) إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٨٣)
____________________________________
للتأكيد ولتفاوتهما فى كيفية الدلالة أى خلق لأجلكم ومنفعتكم منه نارا على أن الجعل إبداعى والجاران متعلقان به قدما على مفعوله الصريح مع تأخيرهما عنه رتبة لما مر من الاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخر ووصف الشجر بالأخضر نظرا إلى اللفظ وقد قرىء الخضراء نظرا إلى المعنى وهو المرخ والعفار يقطع الرجل منهما عصيتين مثل السواكين وهما خضراوان يقطر منهما الماء فيسحق المرخ وهو ذكر على العفار وهو أنثى فتنقدح النار بإذن الله تعالى وذلك قوله تعالى (فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) فمن قدر على إحداث النار من الشجر الأخضر مع ما فيه من المائية المضادة لها بكيفيته كان أقدر على إعادة الغضاضة إلى ما كان غضا فطرأ عليه اليبوسة والبلى وقوله تعالى (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) الخ استئناف مسوق من جهته عزوجل لتحقيق مضمون الجواب الذى أمر صلىاللهعليهوسلم بأن يخاطبهم بذلك ويلزمهم الحجة والهمزة للإنكار والنفى والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام أى أليس الذى أنشأها أول مرة وليس الذى جعل لهم من الشجر الأخضر نارا وليس الذى خلق السموات والأرض مع كبر* جرمهما وعظم شأنهما (بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) فى الصغر والقماءة بالنسبة إليهما فإن بديهة العقل قاضية بأن من قدر على خلقهما فهو على خلق الأناسى أقدر كما قال تعالى (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) وقرىء يقدر وقوله تعالى (بَلى) جواب من جهته تعالى وتصريح بما أفاده الاستفهام الإنكارى من تقرير ما بعد النفى وإيذان بتعين الجواب نطقوا به أو تلعثموا فيه مخافة الإلزام وقوله تعالى (وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) عطف على ما يفيده الإيجاب أى بلى هو قادر على ذلك وهو المبالغ فى الخلق والعلم كيفا وكما (إِنَّما أَمْرُهُ) أى شأنه (إِذا أَرادَ شَيْئاً) من الأشياء (أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ) أى أن يعلق به قدرته (فَيَكُونُ) فيحدث من غير توقف على شىء آخر أصلا وهذا تمثيل لأثير قدرته تعالى فيما أراده بأمر الآمر المطاع المأمور المطيع فى سرعة حصول المأمور به من غير توقف على شىء ما وقرىء فيكون بالنصب عطفا على يقول (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) تنزيه له عز وعلا عما وصفوه تعالى به وتعجيب مما قالوا فى شأنه تعالى وقد مر تحقيق معنى سبحان والفاء للإشارة إلى أن ما فصل من شئونه تعالى موجبة لتنزهه وتنزيهه أكمل إيجاب كما أن وصفه تعالى بالمالكية الكلية المطلقة للإشعار بأنها مقتضية لذلك أتم اقتضاء والملكوت مبالغة فى الملك كالرحموت والرهبوت وقرىء ملكة كل شىء* ومملكة كل شىء وملك كل شىء (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) لا إلى غيره وقرىء ترجعون بفتح التاء من الرجوع وفيه من الوعد والوعيد ما لا يخفى. عن ابن عباس رضى الله عنهما كنت لا أعلم ما روى فى فضائل يس