(وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ (٤٥) إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ (٤٧) وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ) (٤٨)
____________________________________
بأنه لو كان نبيا لما ابتلى بمثل ما ابتلى به وإرادة القوة على الطاعة فقد بلغ أمره إلى أن لم يبق منه إلا القلب واللسان ويروى أنه عليه الصلاة والسلام قال فى مناجاته إلهى قد علمت أنه لم يخالف لسانى قلبى ولم يتبع قلبى بصرى ولم يهبنى ما ملكت يمينى ولم آكل إلا ومعى يتيم ولم أبت شبعان ولا كاسيا ومعى جائع أو عريان فكشف الله تعالى عنه (نِعْمَ الْعَبْدُ) أى أيوب (إِنَّهُ أَوَّابٌ) تعليل لمدحه أى رجاع إلى الله تعالى (وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) عطف بيان لعبادنا وقرىء عبدنا إما على أن إبراهيم وحده لمزيد شرفه عطف بيان وقيل بدل وقيل نصب بإضمار أعنى والباقيان عطف على عبدنا وإما على* أن عبدنا اسم جنس وضع موضع الجمع (أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ) أولى القوة فى الطاعة والبصيرة فى الدين أو أولى الأعمال الجليلة والعلوم الشريفة فعبر بالأيدى عن الأعمال لأن أكثرها تباشر بها وبالأبصار عن المعارف لأنها أقوى مباديها وفيه تعريض بالجهلة البطالين أنهم كالزمنى والعماة وتوبيخ على تركهم المجاهدة والتأمل مع تمكنهم منهما وقرىء أولى الأيد بطرح الياء والاكتفاء بالكسر وقرىء أولى الأيادى على جمع الجمع (إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ) تعليل لما وصفوا به من شرف العبودية وعلو الرتبة فى العلم والعمل أى جعلناهم خالصين لنا بخصلة خالصة عظيمة الشأن كما ينبىء عنه التنكير التفخيمى وقوله تعالى (ذِكْرَى الدَّارِ) بيان للخالصة بعد إبهامها للتفخيم أى تذكر للدار الآخرة دائما فإن خلوصهم فى الطاعة بسبب تذكرهم لها وذلك لأن مطمح أنظارهم ومطرح أفكارهم فى كل ما يأتون وما يذرون جوار الله عزوجل والفوز بلقائه ولا يتسنى ذلك إلا فى الآخرة وقيل أخلصناهم بتوفيقهم لها واللطف بهم فى اختيارها ويعضد الأول قراءة من قرأ بخالصتهم وإطلاق الدار للإشعار بأنها الدار فى الحقيقة وإنما الدنيا معبر وقرىء بإضافة خالصة إلى ذكرى أى بما خلص من ذكرى الدار على معنى أنهم لا يشوبون ذكراها بهم آخر أصلا أو تذكيرهم الآخرة وترغيبهم فيها وتزهيدهم فى الدنيا كما هو شأن الأنبياء عليهم الصلاة ٤٧ والسلام وقيل ذكرى الدار الثناء الجميل فى الدنيا ولسان الصدق الذى ليس لغيرهم (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) لمن المختارين من أمثالهم المصطفين عليهم فى الخير والأخيار جمع خير كشر وأشرار وقيل جمع خير أو خير مخفف منه كأموات فى جمع ميت وميت (وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ) فصل ذكره عن ذكر أبيه وأخيه للإشعار بعراقته فى الصبر الذى هو المقصود بالتذكير (وَالْيَسَعَ) هو ابن خطوب بن العجوز استخلفه إلياس على بنى إسرائيل ثم استنبىء واللام فيه حرف تعريف دخل على يسع كما فى قول من