(إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١) قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) (٨٥)
____________________________________
بكون السائل تبعا لهم فى ذلك دليل واضح على أنه إخبار بالإنظار المقدر لهم أزلا لا إنشاء لإنظار خاص به قد وقع إجابة لدعائه وأن استنظاره كان طلبا لتأخير الموت إذ به يتحقق كونه منهم لا لتأخير العقوبة كما قيل فإن ذلك معلوم من إضافة اليوم إلى الدين أى إنك من جملة الذين أخرت آجالهم أزلا حسبما تقتضيه حكمة التكوين (إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) الذى قدره الله وعينه لفناء الخلائق وهو وقت النفخة الأولى لا إلى وقت البعث الذى هو المسئول فالفاء ليست لربط نفس الإنظار بالاستنظار بل لربط الإخبار المذكور به كما فى قول من قال [فإن ترحم فأنت لذاك أهل] فإنه لا إمكان لجعل الفاء فيه لربط ماله تعالى من الأهلية القديمة للرحمة بوقوع الرحمة الحادثة بل هى لربط الإخبار بتلك الأهلية للرحمة بوقوعها هذا وقد ترك التوقيت فى سورة الأعراف كما ترك النداء والفاء فى الاستنظار والإنظار تعويلا على ما ذكر ههنا وفى سورة الحجر وإن خطر ببالك أن كل وجه من وجوه النظم الكريم لا بد أن يكون له مقام يقتضيه مغاير لمقام غيره وأن ما حكى من اللعين إنما صدر عنه مرة وكذا جوابه لم يقع إلا دفعة فمقام الاستنظار والإنظار إن اقتضى أحد الوجوه المحكية فذلك الوجه هو المطابق لمقتضى الحال والبالغ إلى رتبة البلاغة ودرجة الإعجاز وأما ما عداه من الوجوه فهو بمعزل من بلوغ طبقة البلاغة فضلا عن العروج إلى معارج الإعجاز فقد سلف تحقيقه فى سورة الأعراف بفضل الله تعالى وتوفيقه (قالَ فَبِعِزَّتِكَ) الباء للقسم والفاء لترتيب مضمون الجملة على الإنظار ولا ينافيه قوله تعالى (فَبِما أَغْوَيْتَنِي) وقوله (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) فإن إغواءه تعالى إياه أثر من آثار قدرته تعالى وعزته وحكم من أحكام قهره وسلطنته فمآل الإقسام بهما واحد ولعل اللعين أقسم بهما جميعا فحكى تارة قسمه بأحدهما وأخرى بالآخر أى فأقسم بعزتك (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) أى ذرية آدم بتزيين المعاصى لهم (إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) وهم الذين أخلصهم الله تعالى لطاعته وعصمهم من الغواية وقرىء المخلصين على صيغة الفاعل أى الذين أخلصوا قلوبهم وأعمالهم لله تعالى (قالَ) أى الله عزوجل (فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ) برفع الأول على أنه مبتدأ محذوف الخبر أو خبر محذوف المبتدأ ونصب الثانى على أنه مفعول لما بعده قدم عليه للقصر أى لا اقول إلا الحق والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها أى فالحق قسمى (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) على أن الحق إما اسمه تعالى