(وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ (٣٤) الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (٣٥) وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبابٍ) (٣٧)
____________________________________
(ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) يعصمكم من عذابه والجملة حال أخرى من ضمير تولون (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) يهديه إلى طريق النجاة (وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ) هو يوسف بن يعقوب عليهماالسلام على أن فرعونه فرعون موسى أو على نسبة أحوال الآباء إلى الأولاد وقيل سبطه يوسف بن إبراهيم بن يوسف الصديق* (مِنْ قَبْلُ) من قبل موسى (بِالْبَيِّناتِ) بالمعجزات الواضحة (فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ) من الدين (حَتَّى إِذا هَلَكَ) بالموت (قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً) ضما إلى تكذيب رسالته تكذيب رسالة من بعده أو جزما بأن لا يبعث بعده رسول مع الشك فى رسالته وقرىء ألن يبعث الله على أن بعضهم يقرر بعضا بنفى البعث (كَذلِكَ) مثل ذلك الإضلال الفظيع (يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ) فى عصيانه (مُرْتابٌ) ٣٥ فى دينه شاك فيما تشهد به البينات لغلبة الوهم والانهماك فى التقليد (الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ) بدل من الموصول الأول أو بيان له أو صفة باعتبار معناه كأنه قيل كل مسرف مرتاب أو المسرفين المرتابين (بِغَيْرِ سُلْطانٍ) متعلق بيجادلون أى بغير حجة صالحة للتمسك بها فى الجملة (أَتاهُمْ) صفة سلطان (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا) فيه ضرب من التعجب والاستعظام وفى كبر ضمير يعود إلى من وتذكيره باعتبار* اللفظ وقيل إلى الجدال المستفاد من يجادلون (كَذلِكَ) أى مثل ذلك الطبع الفظيع (يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) فيصدر عنه أمثال ما ذكر من الإسراف والارتياب والمجادلة بالباطل وقرىء بتنوين قلب ووصفه بالتكبر والتجبر لأنه منعهما (وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً) أى بناء مكشوفا عاليا من صرح الشىء إذا ظهر (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) أى الطرق (أَسْبابَ السَّماواتِ) بيان لها وفى إبهامها ثم إيضاحها تفخيم لشأنها وتشويق للسامع إلى معرفتها (فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) بالنصب على جواب الترجى وقرىء بالرفع عطفا على أبلغ ولعله أراد أن يبنى له رصدا فى موضع عال ليرصد منه أحوال الكواكب التى هى أسباب سماوية تدل على إرسال الله تعالى إياه أو ان يرى فساد قوله عليه الصلاة والسلام بأن إخباره من إله السماء يتوقف على إطلاعه عليه ووصوله إليه وذلك لا يتأتى إلا بالصعود إلى السماء وهو مما