تفضيله على جميع الأنبياء. وذكروا أنّ القرينة على ذلك ذكر عيسى عليهالسلام ، مما يدلّ على أن الحديث كان يتركز على الأنبياء الثلاثة الذين لا يزال لهم أتباع يتقاتلون ويختلفون. ولكن هذه أمور لم يثبت الدليل عليها ، لأن من الممكن أن يكون هناك ممن كلمهم الله كما يمكن أن يكون هناك ارتفاع في الدرجات لبعض الأنبياء على بعض ، وليس في الآية ظهور في رفع الدرجة المطلقة على الأنبياء لينطبق ذلك على النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الذي يملك الدرجة العليا التي تميزه عن الأنبياء في شمولية رسالته لجميع الخلق وفي جعله رحمة للعالمين وخاتم النبيين وامتداد معجزته إلى نهاية الحياة ، وباليدين القيّم الذي يشمل صلاح الإنسان ، في الدنيا والآخرة في انفتاح الشريعة على كل حاجاته وشؤونه وقضاياه وتطلعاته في امتداد نوعيّ وكليّ لم يسبق لنبي من قبله ، فهذه هي الحقيقة البارزة في رسالته ودوره بالإضافة إلى صفاته المميزة في كل مواقع الكمال ، لا سيما خلقه العظيم الذي انفتح فيه على كل الناس ، ولكن إرادة هذا من الآية بالخصوص لا دليل عليه.
والظاهر من الآية أنها شاملة لكل الرسل ولا اختصاص لها بمن ذكر في القرآن ، لأنها واردة في مورد إعطاء الفكرة العامة عن الرسل ، مما لا يجعل لفريق منهم دون فريق خصوصية عن الفريق الآخر ما دامت مسألة التفضيل وارتفاع الدرجة سارية في كل مواقع الظاهرة الرسولية.
أما تخصيص عيسى عليهالسلام ، فللتدليل على ميزته في ذاته من خلال كونه مظهرا لقدرة الله في خلقه في ما يوحي به اسمه ، وللإيحاء بصفة الرسالة في شخصه من خلال البينات التي جاء بها من أجل أن يقيم الحجة على الناس في ذلك. من دون أن يكون في ذلك أيّ معنى إلهي يمكن في ذاته ، بل هو منطلق من تأييد الله له بروح القدس ، الذي قد يعني جبرائيل ـ فيما يفسره به البعض ـ وقد يعني اللطف الإلهي الذي يمنحه الله لعباده في ما