يسلما ، فاختصموا إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : يا رسول الله أيدخل بعضي النار وأنا أنظر؟ فأنزل الله عزوجل : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ) فخلى سبيلهما.
وعن مجاهد ، قال : كان ناس مسترضعين في اليهود ، قريظة والنضير ، فلما أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بإجلاء بني النضير ، قال أبناؤهم من الأوس الذين كانوا مسترضعين فيهم : لنذهبن معهم ولندينن بدينهم ، فمنعهم أهلهم وأرادوا أن يكرهوهم على الإسلام فنزلت (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) (١).
فإذا صحت هذه الروايات التي اختلفت في مواردها واتفقت في مضمونها ، فإنها تشير إلى أن مدلول الآية يوحي بالمنع من إكراه الإنسان الذي انتقل إلى دين آخر ، أو كان فيه من خلال البيئة التي عاش فيها ، بالرجوع عنه والعودة إلى الإسلام ، أو الانتقال إليه انطلاقا من إرادة الله للإنسان بالالتزام بالإسلام في مرحلة الحدوث أو البقاء من خلال التأكيد على حريته في الانتماء الديني.
وهذا ما قد يتنافى مع المشهور بين العلماء من حكم المرتد بإكراهه على العودة إلى الإسلام أو منعه من الانتقال عنه ، فلا بد من دراسة هذه المسألة بالمقارنة مع هذه الروايات ، ولكن لم تثبت لنا صحتها.
* * *
(لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) ـ مدلولها ومغزاها
(لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) ما الذي تعنيه هذه الكلمة؟ هل تعني نفي الإكراه
__________________
(١) الواحدي ، أبو الحسن علي بن أحمد ، أسباب النزول ، دار الفكر ، ١٤١٤ ه ـ ١٩٩٤ م ، ص : ٤٥ ـ ٤٦.