الكفر بالطاغوت وعلاقته بالإيمان
(فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
إن حبل الإيمان بالله قوي وشديد ومتماسك ، وإن جذور الإيمان عميقة عمق الحياة الممتدة في الكون ، فمن آمن بالله ، فقد استمسك حينئذ بالقوة التي لا مجال فيها لضعف أو انحلال ، ومن يكفر بالطاغوت ، فقد انفصل عن كلّ عوامل الضعف والفساد والخذلان ، لأن الطاغوت يمثل ما يعنيه الطغيان من معاني الانحراف والانهيار المنفصلة عن كل ما تمثله الإنسانية من قوّة وعمق وامتداد.
إنها دعوة موحية للكفر بالطاغوت في جميع مجالاته التي يتحرك فيها في حياة الناس في مجال الفكر والعقيدة والحكم والسياسة والاجتماع ، فالقوى التي تمثل الفكر الباطل أو الحكم الباطل أو السياسة الباطلة أو القوة الغاشمة المعتدية ، هي قوى طاغوتية في مفهوم الإسلام ، لأنها تتنافى مع الفكر الحق والحكم الحق والسياسة الحقة والقوة العادلة المنفتحة على كل حركة الإنسانية في الحياة ، وبذلك فهي ضد الإيمان بالله في ما يعنيه هذا كله.
وربما كان التركيز على الطاغوت الحاكم من الأمور الحيوية في هذا الرفض للطاغوت ، لأن خطورته تتمثل في سيطرته على مقدرات الواقع كله من الناحية الثقافية أو السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الأمنية ، من خلال أن ذلك يمكّنه من احتواء الساحة كلها في جميع جوانبها ، لأن ذلك