من الأمور البديهية التي لا تحتاج إلى المزيد من التوضيح والاهتمام.
* * *
موقع القتال من قضية الإكراه في الدين
وهنا قد يطرح السؤال الآتي :
كيف نفهم القتال في الإسلام ، ألم يكن جهادا من أجل الدعوة؟ وكيف نفهم تخيير المشرك بين الإسلام وبين السيف ، أليس هذا إكراها في الدين؟ فإذا لم يكن كذلك ، فما معنى الإكراه؟
ونجيب على ذلك ، أن القتال في الإسلام ، كما ألمحنا إليه ، لم يستهدف إجبار الناس على الدخول في الدين ، بل هو خاضع للأنساب والمبررات الواقعية التي تفرضها طبيعة الساحة من خلال الأهداف الدفاعية أو الوقائية ... أمّا الجهاد من أجل الدعوة ، فليس هدفه إكراه البلاد على الدخول في الإسلام ، بل هدفه إيصال الدعوة إلى كل إنسان من قاعدة «إن الدين لله ...» فلا بد من إيصاله إلى كل عباده ليعبده الناس كما يريد ، وإن الله أرسل رسوله برسالته للناس كافّة ، فلا بد من أن يعرفه كل الناس ... وإذا كان هناك من يقف بين الإسلام وبين حريته في ذلك ، فله الحق في أن يواجه هؤلاء بمختلف الأساليب السلميّة وغير السلميّة ...
فإذا وصلت الدعوة إلى الناس من خلال الدعاة ، وقامت الحجة بهم على الناس بما يقدمونه من أدلة وبراهين ، فهناك فريقان من الناس ؛ فريق أهل الكتاب الذين يطرح عليهم الإسلام التعايش في ضمن شروط الذمّة التي تكفل لهم حرية المعتقد والعبادة والشؤون الشخصية في نطاق مجتمعهم الخاص ، وبذلك يمكنهم أن يعيشوا مع المسلمين وفي حمايتهم مما يحمي به المسلمون دماءهم وأموالهم وأعراضهم ، دون أن يتكلفوا بأية مسئوليات في الحرب والقتال ، لا سيما إذا كان القتال لأشخاص يدينون بدينهم ...