آية الكرسي والتوحيد الخالص
(اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) هذه الكلمة علم لذات واجب الوجود ، فلا تطلق على غيره ، ومن هنا كان الفرق بينها وبين كلمة إله ، لأن كلمة إله عامة شاملة لكل ما يفرض مستحقا للعبودية ، ولذلك أمكن الاستثناء منها ، وكانت كلمة لا إله إلا الله ظاهرة في التوحيد باعتبار دلالتها على انحصار المستحق للعبودية في الذات المقدسة ، ولو كانت هذه الكلمة تطلق على غيره لما كان لها ظهور في ذلك.
(الْحَيُ) الذي لا يشوب حياته عدم من قبل ولا من بعد ، لأنها لا تخضع لفرضيّة القبل والبعد ، فهو القديم الذي لا أول له ولا آخر ... وفي هذا الجوّ الممتد للحياة ، يمكن للإنسان أن يعيش الشعور بامتداد الارتباط بالله ما امتدت بالإنسان حياته ، لأنه يسبق حياة الإنسان ، فيعطيها معنى الحياة ويمتد معه ويبقى بعد فنائه ، بينما لا يشعر بهذا الارتباط مع غيره من أفراد الإنسان ، مما يوحي له بعمق العلاقة التي ينبغي أن تشدّه إلى الله من موقع الحاجة الفعلية الدائمة إليه.
(الْقَيُّومُ) مبالغة في القائم على الشيء ، المشرف والمسيطر عليه والمدبر والحافظ له ، على ما جاءت به الآية الكريمة : (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) [الرعد : ٣٣]. وقوله تعالى : في آية أخرى ، (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً) [آل عمران : ١٨].
وذلك من خلال ما يعنيه القيام على الشيء من معنى الإشراف عليه ، في مقابل القاعد والنائم ، فاستعير للسيطرة ، للمناسبة بين المعنيين ... وهذه الصفة تعني إشراف الله الذي يملك العطاء والمنع من خلال ما يعلمه من استحقاق الموجودات في وجوداتها من العطاء هنا ، والمنع هناك ، من خلال