غيره له أو تأثيره عليه ، باعتبار ارتباط ذلك بمواقع القوة في ذاته المقدسة التي لا يملك أحد الاقتراب منها أو التأثير عليها ، لأن الخلق هم الفقراء إليه وهو الغني عنهم ، فوجودهم هو وجود الحاجة إليه ، أما وجوده ، فهو وجود الغني المستقل في كل شيء عن كل الموجودات. وهذا ما يجعل التعبير بنفي الشفاعة عن كل أحد إلا بإذنه ، مناسبا للحديث عن قدرته المطلقة في تدبيره الأمور بعد خلقه لها واستقلاله بها ، بعيدا عن أي تأثير ذاتي لغيره مما يريد إصداره من قرارات في مجال العقاب والثواب.
وهذا هو الذي يجعلنا لا نفهم معنى للسببية في الشفاعة والدعاء والمسألة بالمعنى الذاتي لارتباط المسبب بسببه ، بل نفهمها بالمعنى الجعلي الإذني للشفعاء والداعين والسائلين الذين يسألون ويشفعون ويدعون ، فيمنحهم الله ما يريدون من خلال إذنه لهم بالقيام بهذه الأمور ، فلا استقلال لهم في شيء ، (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ* لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) [الأنبياء: ٢٦ ـ ٢٧].
وفي ضوء ذلك ، فإننا لا ننفي اعتبار السببية التكوينية في ارتباط الأشياء بأسبابها ، على أساس ما أودعه الله فيها من خصائص في داخل وجودها ، مما يعني سرّ السببية أو العلّية ، لتكون حركتها بإذنه في الجانب الوجودي المتحرك بقدرته التي تحرّك السبب في اتجاه المسبب ، مما يمكن التعبير عنه بالأول التكويني ، ولكن هذا لا علاقة له بمصطلح الشفاعة كما بيّنّاه.
* * *
مع تفسير الأمثل في موضوع الشفاعة
وقد ذكر بعض المفسرين ملاحظة حول العلاقة بين الشفيع والمشفوع