بالمستوى الذي يتحول خضوعهم له إلى عبادة ، تماما كما هي عبادة العبيد للربّ ، فيخيّل لنفسه أنه في هذا المستوى ، وتبدأ التصورات الذاتية تتجمع في كيانه ، فتغشي عينيه وتسد نوافذ الوعي المنفتح عن قلبه ، فيتحول إلى نصف إله في بعض الأحيان ، ويتحول إلى ما يشبه الإله في أكثر الحالات لدى ذاته ونفسه ، ثم يتطور الأمر به إلى أن يدعو الآخرين إلى الاعتراف بذلك من مواقع الإقرار والإيمان ، بعد أن كان الأمر لديهم مجرد ممارسة لا ترتقي إلى درجة الاعتراف.
وربما كان في هذا الإيحاء بعض التوجيه للإنسان بخطورة المواقع المتقدمة التي يحصل عليها في الدنيا ، من ملك أو جاه أو مال ، على نظرته إلى نفسه وموقفه منها ، فقد تنحرف به هذه النظرة إلى أن يخرج بها عن حدود التوازن ، فتصل به إلى حدود الطغيان ، مما يدفعه إلى مراقبة نفسه دائما لتقف عند حدودها في ما يريد الله منها أن تقف عنده.
* * *
ما نستوحيه من الحوار
أما فائدتنا من هذا الحوار ، فهي مواجهة الكثيرين ممّن يحاولون أن يموّهوا على البسطاء من الناس ، باللجوء إلى الأساليب الساذجة التي يخدعونهم بها ، سواء في ذلك ما يتعلق بشؤون العقيدة وما يتصل بأمور الحياة ، فنعمل على أن نستلهم أسلوب إبراهيم ـ النبي ـ في الانتقال إلى التحديات الواضحة التي لا تخفى ولا تنطلي ـ بالنتيجة ـ على أحد ، مما يعطّل خطة التمويه والتضليل.