أما الذين كفروا بالله ، فهم الذين أغلقوا عيونهم عن النور المتدفق من كل جانب من جوانب الحياة ، وأخلدوا إلى الأرض ، وعاشوا للّحظة الحاضرة ، وغرقوا في ظلام الشك والشبهة ، فهم يتنقلون من ظلمة إلى ظلمة ، ومن مشكلة إلى مشكلة ، ووقفوا أمام قضايا المصير في الطريق المسدود ، فلا فكرة تنير لهم الطريق ... وبذلك عاشوا القلق والضياع والإحساس بعبث الحياة وتفاهتها ، وتحركوا مع أطماعها وشهواتها وسكراتها ، يغرقون فيها آلامهم ، ويغيبون فيها مع أوهامهم ... وإذا كانت الأطماع هي سرّ حياة الإنسان ، فهناك التخبط والقفز على المواقع ، والانتقال من طريق إلى طريق من دون قاعدة ومن دون أساس ... إنهم لم يملكوا القاعدة التي تتفجر بالنور وتفجر النور من حولهم ، وهي الإيمان بالله ، فساروا مع الطاغوت الذي يمثل الظلم والظلام والجحود والنكران ، فوقعوا في الظلمات ، ظلمة الكفر والشرك والعصيان ، فكان جزاؤهم النار خالدين فيها ، بعد أن وضح الطريق أمامهم ، فانحرفوا عنه ، وذلك هو جزاء الكافرين الجاحدين ...
* * *
(اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا)
(اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) فهو ربهم الذي خلقهم ورزقهم ورعاهم ورباهم ودلّهم على مواقع هدايته وسبل رشده ، وأفاض عليهم من نور علمه وزوّدهم بوسائل معرفته ، وأنزل عليهم وحي رسالاته ، وفتح قلوبهم على نور البصيرة ، فكانوا منه على نور في العقل والروح والشعور والحركة ، بحيث لا تلتقي بهم ظلمة في أيّ طريق يسلكونه ، وفي أيّ فكر يفكرون به أو أيّ أفق يتطلعون إليه ، إلا وأعطاهم ـ من خلال كل ما وهبهم من ألطافه ـ نورا