وإشراقا يمنحهم من كل نور نورا جديدا ومن كل إشراقة وعيا جديدا. وهكذا تنطلق ولاية الله للإنسان المؤمن لتحتضن روحه وعقله وحياته وتوجه خطواته إلى الصراط المستقيم الذي يفتح لهم كل نوافذ النور التي تطل بهم على السعادة في الدنيا والآخرة.
ومن خلال ذلك فإنه (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ) بما تمثله كلمة الظلمات من ظلمة الكفر والشرك والجهل والتخلف والشرّ والظلم والباطل ، وكل الأخلاق والأعمال التي تؤثر في ظلمة العقل والقلب والروح والحركة والشعور والحياة بشكل عام ، (إِلَى النُّورِ) الذي يتمثل في وحي الله وتعاليم رسله بما يقرب الناس من مصالحهم في الدنيا والآخرة ويبعدهم عما يفسد أفكارهم ومشاعرهم وأوضاعهم الخاصة والعامة في الحياة.
والظاهر من هذا التعبير الذي يلتقي بأكثر من آية مماثلة في القرآن لهذه الآية ، أن هذا الإخراج وارد على سبيل الاستعارة المجازية في استعارة الكلمة الموضوعة للمعنى المادي للنور والظلمة للصورة المعنوية لها ، وهي الهداية للإيمان التوحيدي والنهج التشريعي والمنهج الأخلاقي الذي يتحرك فيه الإنسان في حالة من الصفاء الروحي والنقاء الفكري والاستقامة العملية ، ونحوها مما يشبه حركة الإنسان في النور في صفائه ونقائه واستقامة طريقه ، فيكون السائر معها كالسائر على النور ، في مقابل الكفر والشرك والنهج الشرير في الجانب الأخلاقي والشرعي الذي يعيش الإنسان فيه التخبط الفكري والعملي في أكثر من طريق.
ولكن العلّامة الطباطبائي يرى أن هذا الإخراج وما شاكله من المعاني ، أمور حقيقية غير مجازية ... غير أنها لا تفارق أعمالنا وعقائدنا ، بل هي لوازمها التي في باطنها (١).
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٢ ، ص : ٣٤٩ ـ ٣٥٠.