ونلاحظ على ذلك أن هذا الاتجاه في فهم الكلمات وفي توسعة مفاهيمها ، تشمل المعاني الاعتيادية التي يدركها الناس في وعيهم للألفاظ عند سماعها ، وغير الاعتيادية مما لم يألف الناس وسائلها ، أو لم يعرفوها في واقعهم الوجودي الكلامي ، لتكون الكلمة منفتحة على المعنى الممتد في الوسائل المادية وغير المادية.
إننا نلاحظ على هذا الاتجاه أنه لا ينطلق من حالة لغوية بل من حالة عقلية تحليلية ، بينما نجد أن الكلمات ترتبط بالتصورات الذهنية المألوفة لدى الواضع ـ إن كان هناك واضح ـ أو المستعمل ، أو السامع الذي يعيش في أجواء اللغة. إن من الممكن توسعة معاني الكلمات على مستوى المجاز أو الحقيقة الادّعائية ، ولكن ذلك لن يغيّر شيئا من المسألة اللغوية التي لا تجعل الاستعمال حقيقيا في نطاق المعنى الحقيقي الذي وضع اللفظ فيه.
وفي ضوء هذا ، فإننا لا نستطيع موافقة السيد الطباطبائي على هذا الفهم العقلي للكلمة ، بالرغم من دقته وطرافته ، بل إن دراسة الآيات المتعددة التي ورد فيها هذا التعبير ، تشير إلى المقصود بهذه الكلمات ، فنقرأ قوله تعالى في سورة المائدة : (قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [المائدة : ١٥ ـ ١٦] ، وقوله تعالى : (الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) [إبراهيم : ١] ، وقوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) [إبراهيم : ٥] ، وقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) [الأحزاب : ٤٣] ، وقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ