وقد يقول قائل : لماذا أقدر الله الإنسان على الشرّ وهو قادر على أن يشلّ قدرته عنه؟ والجواب : أن السرّ في ذلك ، هو السرّ في خلق الإنسان على أساس الاختيار الذي قد يحصل من خلال المنفعة للإنسان أو للوجود أكثر مما يحصل له من مضرّة ، وليس في ذلك أيّ قبح في فعل الله ، ما دام الله ـ سبحانه ـ لا يعطي الإنسان قدرة عمياء لا تستطيع أن تعرف طريقها جيدا عند اختلاف الطرق ، بل أعطاه قدرة مفتوحة الأعين على كل خير وعلى كل شرّ ، واعية لكل ما حولها من خلال الفكر الذي تملكه ومن خلال الرسالات التي أرسل الله بها رسله ليوجهوا الناس إلى استخدام الإرادة الواعية المنفتحة على الحق والخير ، في ما توعد الله عليه من عقاب في جانب السلب ، وما وعد به من ثواب في جانب الإيجاب ، ولذلك كان القرآن الكريم يكرر في أكثر من آية قوله تعالى : (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) [هود : ١٠١].
* * *
هل الدين أساس الحروب بين الناس؟
٦ ـ ربما يثير الكثيرون من الناس أن الدين هو العنصر الحادّ السريع الاشتغال في الوجدان الإنساني لما يتضمنه من حسّ القداسة الغيبية التي تدفعه إلى التحرك من أجل إلغاء الآخر ، لأن هذا الجوّ الغيبي المنفتح على الإيمان بالله يمنع الوصول إلى أيّة تسوية مع الكفر به ويجعل من الإنسان الكافر إنسانا لا يستحق الوجود ، فلا بد من إزالته من الحياة ليبطل تأثيره في إضلال الناس عن خط الإيمان ، لتكون مواجهته ثأرا لله وللرسول وللدين ، فلا مجال للحوار معه ، لأن القضية تفرض نفسها على الواقع الحيّ من خلال وضوحها الذي لا يلتقي بأيّة شبهة في احتمالات الخطأ ، ليكون هناك مجال للجدل من خلالها ، وبذلك يتحول المؤمن بالدين إلى شخصية عدوانية