ساحقة ضد الإنسان الآخر الكافر ، وإلى نار محرقة لكل وجوده ، وهذا ما يجعل من الحروب الدينية أمرا طبيعيا أمام الخلافات الدينية ، سواء كانت منطلقة من عمق الإيمان ، أو من استغلال الشعار ، ولهذا ، بدأ البعض يدعو إلى إلغاء الدين من حياة الإنسانية لتستطيع الإنسانية أن تحصل على السلام.
ونلاحظ على ذلك ، أولا : إننا لا ننكر أن للدين تأثيرا على الوجدان الإنساني أكثر من أيّ فكر آخر ، لأن القداسة التي يختزنها في مضمونه الإلهي والتي تجعل المؤمن في حالة ذوبان في الله وإخلاص عظيم له ، قد تثير في النفس الكثير من المشاعر والانفعالات الحادّة التي تنطبع في السلوك العام والخاص في علاقته بنفسه أو بالآخر.
ولكن ، ليس معنى ذلك أن الروح الدينية تنطلق من فكرة إلغاء الآخر ، بل هي ، في مضمونها الرسالي ، تدفع بأتباعها إلى الانفتاح على الآخر بالدعوة القائمة على الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن بالأسلوب الذي يعمل على الدخول إلى عقله وقلبه والنفاذ إلى واقع حياته ، ومناقشة فكره باحترام في عملية أخذ وردّ ، بالطريقة التي يملك فيها حرية المناقشة بلا حدود أمام الهدف الذي يحوّل الأعداء للرسالة والقضية والموقع والموقف إلى أصدقاء لها. وهذا هو شأن الواعين من المؤمنين الذين يعيشون الإيمان حركة دعوة منفتحة على الإنسان كله والحياة كلها من أجل هدايته وهداية الحياة في حركته ووجوده.
ولكنّ الجهل والتخلف اللّذين يسيطران على بعض المجتمعات المتدينة أو الأشخاص المتدينين ، هما اللذان يدفعان بالإنسان إلى مواجهة الفكر الآخر بالانفعال والحماس المضاد والأسلوب العاطفي الذي لا يفكر بعقل واتزان لأنه لا يملك العقل الذي يواجه العقل الآخر والاتزان الذي يلتقي من خلاله بالخلفيات التي تكمن في قناعات الفئات المضادّة ، فلا