يملك في هذا الجو شجاعة المجابهة العقلانية ، فيحول الموقف إلى المجابهة العدوانية.
ويمكن أن تتحرك الحرب من خلال الطرف الآخر الذي يعمل على العدوان على الموقع الديني ، وذلك من خلال عملية احتلال عسكري أو سيطرة اقتصادية أو سياسية ، مما يجعل القضية دفاعا عن النفس ، أو وقاية من العدوان المحتمل ، وذلك من خلال روحية منفتحة على القضايا الكبرى في عناوينها الحيوية التي يرى فيها المحاربون فريضة إلهيّة لا تحمل عقدة في الذات الطائفية ، بل علاجا للواقع الصعب الذي يختزن الأخطار على مصير الدين والمستضعفين وعلى حرية المؤمنين في الدعوة إلى الله.
وهكذا نجد أن الحرب الدينية ليست حركة عدوانية ضد الإنسان الآخر ، بل هي حركة دفاعية أو وقائية من أجل المحافظة على الذات والموقع والإنسان.
ثانيا : إننا لا نرى في الحديث عن مسئولية الدين عن الحرب في حياة الإنسان حديثا واقعيا دقيقا ، بحيث يكون السبب الرئيسي في حركة الحرب في الواقع ، فهناك الحروب العرقية والقومية والاقتصادية والسياسية التي قد تختبئ وراء الشعارات الدينية في بعض الحالات ، وقد تكشف عن وجهها الحقيقي في حالات أخرى ، مما يجعل من هذه الأمور أساسا للحرب الدائبة بشكل مباشر أو غير مباشر.
ثالثا : إن الدين الذي ألغى الفروق العرقية والعنصرية والجغرافية ، يمثل العنصر الحيوي في تجفيف منابع الحرب وإلغاء أسبابها ، لأنها حرب قائمة على العصبية ، وهي مرفوضة من الدين ، لا سيّما في الإسلام ، جملة وتفصيلا. فقد جاء في الحديث : من تعصب أو تعصب له ، فقد خلع ربقة