فإذا لم يستجيبوا لذلك ولا للإسلام ، فإن معنى ذلك إعلان الحرب والتمرد الذي يبرر للإسلام أن يدافع عن نفسه ضد كل محارب له ومتمرد على سلطته.
أما الفريق الثاني ، فهو فريق المشركين والملحدين الذي يمكن للمسلمين أن يدخلوا معهم في معاهدة ضمن المصلحة الإسلامية العليا ، على رأي فقهي خاص ، أما إذا لم يكن هناك مصلحة في ذلك ، فليس هناك إلا الإسلام لقيام الحجة عليهم ، ولأن الإسلام لا يعتبر الشرك والإلحاد دينا يبعث على الاحترام ، بل هو ضد مصلحة الإنسان والحياة ، بل إن الإسلام قد جاء من أجل أن يزيل كل عوامل الشرك والإلحاد في دعوته التوحيديّة ، فلا معنى لأن يسمح بالتعايش معهما على أساس الاحترام المتبادل ، لأنه يعني إعطاء الحرية لنقيضه ، مع أن هذا يعتبر ـ في نظر بعض المفكرين ـ تأكيدا لسلطة الإسلام على هؤلاء ، لا إكراها لهم على الدين ، لأن السبيل الوحيد لممارسة هذه السلطة عليهم هو ذلك ، لأنه الذي يمنعهم من ممارسة الكفر من ناحية عملية. وهذا ما جعل القرآن يفرق في المصطلح بين الإسلام الذي يعني الخضوع لسلطة الإسلام في الجانب العملي من دون دخل للجانب العقيدي ، وبين الإيمان الذي يعني إسلام القلب والوجه واللسان ، إلى جانب إسلام العمل ... وبذلك جرى اعتبار المنافقين من المسلمين ، مع أن القرآن يعلن أن الله يشهد إنهم لكاذبون.
وهناك ملاحظة جديرة بالاهتمام ، وهي أن هذا الموضوع خاضع في حركيته للمتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية التي قد تفرض بعض العناوين الثانوية التي يتبدل فيها الموضوع الذي يتبعه الحكم الشرعي ، فيمكن للدولة الإسلامية ، أو للمجتمع الإسلامي ، إبقاء الملحد أو المشرك على عقيدته في نطاق القوانين والأنظمة العامة ، ومنحه الحرية في بعض شؤونه الثقافية ليدخل في حوارات متنوعة مع المراكز الثقافية الإسلامية حول