من خلال ذلك على ما يحتاجه مما لا يملكه عن طريق المعاوضة ، ولا مجال للصداقات التي يتوسّل بها الإنسان ويلجأ إليها لتدعم موقفه ولتقضي له حاجاته ، (وَلا شَفاعَةٌ) يقدمها الإنسان أمام ما ينتظره من عقاب وما يواجهه من نتائج المسؤولية الصعبة ، لأن يوم القيامة قد ألغى ذلك كله ، وأبقى وسيلة واحدة وهي أعمال الإنسان التي يقف في مقدمتها الإنفاق على السائل والمحروم ... ثم لا شيء إلّا رحمة الله ، فهذه هي الفرصة الوحيدة التي يحصل عليها في الدنيا ليستكمل استعداده للوصول إلى رضوان الله والحصول على ثوابه في الآخرة ، فإذا كان يريد بيعا في حركة الربح ، فالله هو الأفضل في ما يقدمه له من أرباح الدنيا والآخرة ، وإذا كان يريد الحصول على صداقة خالصة تفتح له قلبه وتقوي له موقفه ، فالله هو الخليل الصديق الأعظم الذي أعطاه وجوده بكل تفاصيله من خلال رحمته ولطفه به وإخلاصه لمصيره في الدنيا والآخرة.
(وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ثم يعقب على ذلك بأن الكافرين الذين لا يعيشون الإيمان عقيدة ، ولا يمارسونه عملا في ما تفرضه العقيدة من عمل ، هم الظالمون ، لأنهم يظلمون أنفسهم بالمعصية ، ويظلمون الحياة بالسير على الخط المنحرف بعيدا عن الخط المستقيم ، وبذلك تبرز معادلة ثانية في الخط المعاكس ، وهي أن المؤمنين هم العادلون ، الذين يسيرون على خط العدالة في الفكر والعاطفة والحياة ، وذلك من خلال ارتباط العدل بالله في صفاته الحسنى ، وبالإنسان في مسئوليته عنه أمام ربّه ، فإن الإيمان في أساس حركة الرسالات في وحي الرسالة وميزان الحق ، هو حركة عدل مع النفس ومع الله ومع الإنسان الآخر والحياة.
* * *