«وقد نجد في حوار إبراهيم مع ربّه تجربة رسالية رائعة في أسلوب العمل ، فقد طلب من ربّه أن يريه المعجزة التي يطمئن بها قلبه ، في مشاهدته عملية إحياء الموتى على الطبيعة ، فقد نستوحي منها أسلوبا عمليا جديدا في مواجهة ردود فعل الآخرين على ما نقدمه إليهم من أفكار ، وذلك بأن نضع في حسابنا الحقيقة التالية وهي : أن الأفكار التي نقدمها للآخرين في إثبات قضايا العقيدة ، قد تقنعهم فكريا ، ولكنها لا توصلهم إلى مرحلة الإيمان الروحي العميق الذي يلتقي فيه العقل والقلب ، في عملية يمتزج فيها الفكر بالشعور فيتحول إلى طمأنينة روحية يشعر فيها الإنسان بالسكون والاطمئنان الذي يغمر فكره وروحه ، في سلام روحي عظيم.
ولهذا ، فإن علينا أن لا نستنكر عليهم هذا الطلب ، تماما ، كما لم نجد هناك أي إنكار من الله على نبيّه عند ما قدم هذا العرض له من أجل الحصول على الطمأنينة القلبيّة بعد حصول الإيمان الفكري. ومن البديهي ، أننا لا نستطيع تقديم المعجزة للآخرين ، كما قدمها لنبيّه ، ولكننا نستطيع تقديم الأفكار الواضحة القريبة من حياتهم ، حتى يحسوا أن قضية الإيمان تتحرك معهم في كلّ ما يعملونه أو يمارسونه ، من علاقات» (١).
* * *
__________________
(١) فضل الله ، محمد حسين ، الحوار في القرآن ، ص : ٢٤٧.