المعاصي العملية التي لا تقترب من الكفر ، كما ورد في قول علي أمير المؤمنين عليهالسلام : «كم من مستدرج بالإحسان إليه ومغرور بالستر عليه» (١).
وكما جاء في دعاء علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام الذي رواه أبو حمزة الثمالي : «إلهي ما عصيتك إذ عصيتك وأنا بربوبيتك جاحد ، ولا بأمرك مستخفّ ولا لعقوبتك متعرض ، ولا لوعيدك متهاون ، لكن خطيئة عرضت وسوّلت لي نفسي وغلبني هواي ، وأعانتني عليها شقوتي ، وغرّني سترك المرخى عليّ» (٢) ، والله العالم.
* * *
(الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ)
(الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ) فجعلك خلقا سويّا في تناسب أعضائك وتكامل أجهزتك ، (فَعَدَلَكَ) في ما يمثله خلقك من توازن وظائف جسدك واعتدال قامتك ، مما يمنحه جمال الشكل وروعة الصورة ، (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) فهو القادر على صوغك في أيّة صورة مما يتنوع به الخلق ، فاختار لك هذه الصورة الجميلة المستقيمة المعتدلة التي تجمع الإبداع كله في التكوين الجسديّ والعقليّ والروحيّ. وربما فسّر ذلك ـ بما ذكره في الميزان ـ أي «في أيّ صورة شاء أن يركّبك ـ ولا يشاء إلا ما تقتضيه الحكمة ـ ركّبك من ذكر وأنثى ، وأبيض وأسود ، وطويل وقصير ، ووسيم ودميم ، وقويّ وضعيف ، إلى غير ذلك ... وكذا الأعضاء المشتركة بين أفراد الإنسان المميزة لها من غيرها كاليدين والرجلين والعينين والرأس والبدن واستواء القامة ونحوها ، فكل ذلك
__________________
(١) ابن أبي طالب ، الإمام علي (ع) ، نهج البلاغة ، ضبط نصه الدكتور صبحي الصالح ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت ـ لبنان ، ط : ٢ ، ١٩٨٢ م ، قصار الحكم : ١١٦ ، ص : ٤٨٩.
(٢) القمّي ، عبّاس ، مفاتيح الجنان ، دار المجتبى ، بيروت ـ لبنان ، ١٩٩٥ م ـ ١٤١٥ ه ، دعاء أبي حمزة الثمالي ، ص : ٢٢٧.