في أجواء السورة
وهذه السورة المكية تطوف بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في تطلعاته الروحية التي تريد أن توجهه إلى الله سبحانه ليحدّق بالآفاق العليا التي تطلّ على أسرار عظمته ، وليستلهم ـ من ذلك ـ الإيحاءات الإلهية ، في ما تفتح به قلبه على ما في الأسماء الحسنى لله ، وعلى الصفات العليا لكماله وجلاله ، ليسبّحه في موقع ربوبيته ، وليختزن في داخل وعيه الرسالي أنه الأعلى ، فلا شيء معه ولا شيء فوقه ، وليتصوره في خلقه وتدبيره ورزقه ، وليدفعه إلى ساحة الرسالة ليستوعب آيات الله في قلبه وسمعه ولسانه ، فلا ينساها إلا ما شاء الله من ذلك ، في ما يملك من أمور عباده ، فلا يستقلّون بشيء منها ، ولا يبتعدون عن خط المشيئة التي تربطهم به ، لأنه المهيمن على كل شيء ، فهو الذي يعلم ظواهر الأشياء وخفاياها.
ويفتح له الطريقة اليسرى التي توصله إلى هدفه في الدعوة بأقرب الوسائل وأيسرها ، لينطلق بالإبلاغ الذي يهزّ الوجدان الإنسانيّ في عملية تذكير بالحقائق الإلهية في المبدأ والمعاد وفي حركة المسؤولية فيما بينهما. وستتعمق الذكرى في وعي الإنسان الذي يخشى ربّه ويتحسّس مسئولية المعرفة في خط الطاعة ، أمّا الأشقى الذي يعيش أجواء العبث واللّامبالاة في حياته ، فإنه يتجنبها ، ليبقى سادرا في غيّه ، ولكنّه سوف ينتهي إلى «النار