وقال إسحاق بن إبراهيم الحنينيّ (١) ، عن أسامة بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جدّه قال : قال لنا عمر : كنت أشدّ النّاس على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فبينا أنا في يوم حارّ بالهاجرة ، في بعض طريق (٢) مكة ، إذ لقيني رجل فقال : عجبا لك يا بن الخطّاب ، إنّك تزعم أنّك وأنّك ، وقد دخل عليك هذا الأمر في بيتك ، قلت : وما ذاك؟ قال : أختك قد أسلمت (٣) ، فرجعت مغضبا حتى قرعت الباب ، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا أسلم الرجل والرجلان ممّن لا شيء له ضمّهما إلى من في يده سعة فينالان من فضل طعامه ، وقد كان ضمّ إلى زوج أختي رجلين ، فلمّا قرعت الباب قيل : من هذا؟ قيل : عمر ، فتبادروا فاختفوا منّي ، وقد كانوا يقرءون صحيفة بين أيديهم تركوها أو نسوها ، فقامت أختي تفتح الباب ، فقلت : يا عدوّة نفسها ، أصبأت ، وضربتها بشيء في يدي على رأسها ، فسال الدم وبكت ، وقالت : يا بن الخطّاب ما كنت فاعلا فافعل فقد صبأت ، قال : ودخلت حتى جلست على السرير ، فنظرت إلى الصحيفة فقلت : ما هذا (٤) ناولينها ، قالت : لست من أهلها ، أنت لا تطهّر من الجنابة ، وهذا كتاب لا يمسّه إلّا المطهّرون ، فما زلت بها حتى ناولتنيها ، ففتحتها ، فإذا فيها (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فكلّما مررت باسم من أسماء الله عزوجل ذعرت منه ، فألقيت الصحيفة ، ثم رجعت إلى نفسي فتناولتها ، فإذا فيها (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٥) فذعرت ، فقرأت إلى (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) فقلت : أشهد أن لا إله إلّا الله ، فخرجوا إليّ متبادرين وكبّروا ، وقالوا : أبشر فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم دعا يوم الإثنين فقال :
__________________
(١) الحنيني : بضم الحاء وفتح النون وسكون الياء المثناة من تحتها. نسبة إلى الجدّ وهو حنين أو أبو الحنين. (اللباب ١ / ٣٩٨).
(٢) في عيون الأثر «طرق».
(٣) في عيون الأثر «صبت».
(٤) كذا في الأصل و (ع) ، وفي المنتقى لابن الملا (ما هذه) وفي عيون الأثر «ما هذا الكتاب».
(٥) سورة الحديد ، الآية ١.