«اللهمّ أعزّ دينك بأحبّ الرجلين إليك إمّا أبو جهل وإمّا عمر» ، ودلّوني على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم في بيت بأسفل الصّفا ، فخرجت حتى قرعت الباب ، فقالوا : من؟ قلت : ابن الخطّاب ، وقد علموا شدّتي على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فما اجتزأ أحد أن يفتح الباب ، حتى قال : «افتحوا له» (١) ففتحوا لي ، فأخذ رجلان بعضدي ، حتى أتيا بي النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : خلّوا عنه ، ثم أخذ بمجامع قميصي وجذبني إليه ، ثم قال : «أسلّم يا بن الخطّاب ، اللهمّ اهده» فتشهّدت ، فكبّر المسلمون تكبيرة سمعت بفجاج مكة ، وكانوا مستخفين ، فلم أشأ أن أرى رجلا يضرب ويضرب إلّا رأيته ، ولا يصيبني من ذلك شيء ، فجئت خالي (٢) وكان شريفا ، فقرعت عليه الباب ، فقال : من هذا؟ قلت : ابن الخطّاب وقد صبأت (٣) قال : لا تفعل ، ثم دخل وأجاف الباب دوني. فقلت : ما هذا بشيء ، فذهبت إلى رجل من عظماء قريش ، فناديته ، فخرج إليّ ، فقلت مثل ما قال لخالي ، وقال لي مثل ما قال خالي ، فدخل وأجاف الباب دوني فقلت : ما هذا بشيء ، إنّ المسلمين يضربون وأنا لا أضرب ، فقال لي رجل : أتحبّ أن يعلم بإسلامك؟ قلت : نعم. قال : فإذا جلس النّاس في الحجر فأت فلانا ـ لرجل لم يكن يكتم السرّ ـ فقل له فيما بينك وبينه إنّي قد صبأت ، فإنّه قلّما يكتم السّر ، فجئت ، وقد اجتمع النّاس في الحجر ، فقلت فيما بيني وبينه : إنّي قد صبأت ، قال : أوقد فعلت؟ قلت : نعم ، فنادى بأعلى صوته : إنّ ابن الخطّاب قد صبأ ، فبادروا (٤) إليّ ، فما زلت أضربهم ويضربونني ، واجتمع عليّ النّاس ، قال
__________________
(١) في عيون الأثر زيادة «فإن يرد الله به خيرا يهده».
(٢) في حاشية الأصل (خاله أبو جهل) وكذلك في المنتقى لابن الملا والسيرة لابن هشام ، وهو أبو جهل بن هشام.
(٣) في الأصل «صبوت» في كل المواضع ، وفي (النهاية) : كانوا لا يهمزون فأبدلوا من الهمزة واوا.
(٤) في نسخة دار الكتب والمنتقى لابن الملّا (فثاروا إليّ).