فأخذه فوضعه بين كتفيه ، فضحكوا وجعل بعضهم يميل (١) إلى بعض ، وأنا قائم انظر لو كانت لي منعة طرحته (٢) ، والنّبيّ صلىاللهعليهوسلم ما يرفع رأسه ، فجاءت فاطمة ، وهي جويرية (٣) فطرحته عنه وسبّتهم ، فلما قضى صلاته رفع صوته ثم دعا عليهم ، وكان إذا دعا دعا ثلاثا ، وإذا سأل سأل ثلاثا ، ثم قال : «اللهمّ عليك بقريش» ثلاثا ، فلمّا سمعوا صوته ذهب عنهم الضّحك وخافوا دعوته ، ثم قال : «اللهمّ عليك بأبي جهل ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، والوليد بن عقبة ، وأميّة بن خلف ، وعقبة بن أبي معيط» وذكر السابع ولم أحفظه. فو الّذي بعث محمدا بالحقّ ، لقد رأيت الذين سمّى صرعى يوم بدر ، ثم سحبوا إلى القليب ، قليب بدر (٤).
وقال زائدة ، عن عاصم ، عن زرّ ، عن عبد الله قال : إنّ أوّل من أظهر إسلامه سبعة : رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأبو بكر ، وعمّار ، وأمّه سميّة ، وصهيب ، وبلال ، والمقداد (٥).
فأمّا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فمنعه الله بعمّه أبي طالب.
وأمّا أبو بكر فمنعه الله بقومه.
وأمّا سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدراع الحديد ، وأوقفوهم في الشمس ، فما من أحد إلّا وقد وأتاهم على ما أرادوا غير بلال ، فإنّه هانت عليه نفسه في الله ، وهان على قومه ، فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في
__________________
(١) في (اللؤلؤ والمرجان) «يحيل» أي ينسب بعضهم فعل ذلك إلى بعض.
(٢) في صحيح مسلّم «طرحته عن ظهر رسول الله صلىاللهعليهوسلم».
(٣) تصغير جارية.
(٤) أخرجه مسلّم في كتاب الجهاد والسير (١٧٩٤) ، باب ما لقي النبي صلىاللهعليهوسلم من أذى المشركين والمنافقين ، وأحمد ١ / ٣٩٣ ، والبيهقي في دلائل النبوّة ٢ / ٥٥.
(٥) انظر : أنساب الأشراف ١ / ١٩٤ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٢١٤ و ٢٢٦ و ٢٣٢ ، سبل الهدى ٢ / ٤٨١ ، الأوائل لابن أبي عاصم ٥٦ رقم ٩٩.