وقال حمّاد بن سلمة ، عن عاصم ، عن زرّ ، عن حذيفة : أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أتي بالبراق ، وهو دابّة أبيض فوق الحمار ودون البغل ، فلم يزايلا ظهره هو وجبريل ، حتى انتهيا به إلى بيت المقدس ، فصعد به جبريل إلى السماء ، فاستفتح جبريل ، فأراه الجنّة والنّار ، ثم قال لي (١) : هل صلّى في بيت المقدس؟ قلت : نعم ، قال : اسمك يا أصلع ، قلت : زرّ بن حبيش ، قال : فأين تجده صلّاها؟ فتأوّلت الآية : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) (٢) قال : فإنّه لو صلّى لصلّيتم كما تصلّون في المسجد الحرام ، قلت لحذيفة : أربط الدّابّة بالحلقة التي كانت تربط بها الأنبياء؟ قال : أكان يخاف أن تذهب منه وقد أتاه الله بها ، كأنّ حذيفة لم يبلغه أنّه صلّى في المسجد الأقصى ، ولا ربط البراق بالحلقة (٣).
وقال ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس (وَما جَعَلْنَا
__________________
(١) القائل هو حذيفة ، والمسؤل هو زرّ بن حبيش كما سيأتي.
(٢) سورة الإسراء ـ الآية ١.
(٣) أخرجه أحمد في مسندة ٥ / ٣٨٧ بأطول من هذا «عن زرّ بن حبيش قال : أتيت على حذيفة بن اليمان وهو يحدّث عن ليلة أسري بمحمد صلىاللهعليهوسلم وهو يقول : فانطلقت أو انطلقنا فلقينا حتى أتينا على بيت المقدس فلم يدخلاه. قال : قلت بل دخله رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلتئذ وصلّى فيه. قال : ما اسمك يا أصلع فإنّي أعرف وجهك ولا أدري ما اسمك؟ قال : قلت : أنا زرّ بن حبيش. قال : فما علمك بأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلّى فيه ليلتئذ؟ قال : قلت : القرآن يخبرني بذلك. قال : من تكلّم بالقرآن فلج اقرأ. قال : فقرأت : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ). قال : فلم أجده صلّى فيه. قال : يا أصلع هل تجد صلّى فيه؟ قال : قلت : لا. قال : والله ما صلّى فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلتئذ لو صلّى فيه لكتب عليكم صلاة فيه كما كتب عليكم صلاة في البيت العتيق والله ما زايلا البراق حتى فتحت لهما أبواب السماء فرأيا الجنة والنار ووعد الآخرة أجمع ، ثم عادا عودهما على بدئهما. قال : ثم ضحك حتى رأيت نواجذه.
قال : ويحدّثون أنه لربطه ليفرّ منه وإنّما سخّره له عالم الغيب والشهادة. قال : قلت : يا أبا عبد الله أيّ دابّة البراق؟ قال : دابّة أبيض طويل هكذا خطوه مدّ البصر» ، وانظر خصائص السيوطي ١ / ١٥٨.