قالت : فعرفنا حيث وجّه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنّ وجهه إلى المدينة (١).
قلت : قد سقت خبر أمّ معبد بطوله في صفته صلىاللهعليهوسلم ، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
وقال يحيى بن زكريّا بن أبي زائدة : ثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، ثنا عبد الرحمن بن الأصبهانيّ قال : سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبي بكر الصّدّيق قال : خرجت مع النّبيّ صلىاللهعليهوسلم من مكة ، فانتهينا إلى حيّ من أحياء العرب ، فنظر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى بيت منتحيا ، فقصد إليه فلمّا نزلنا لم يكن فيه إلّا امرأة ، فقالت : يا عبدي الله إنّما أنا امرأة وليس معي أحد ، فعليكما بعظيم الحيّ إن أردتم القرى ، قال : فلم يجبها ، وذلك عند المساء ، فجاء ابن لها بأعنز له يسوقها ، فقالت له : يا بنيّ انطلق بهذه العنز والسّفرة إليهما فقل : اذبحا هذه وكلا وأطعمانا ، فلمّا جاء قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «انطلق ، بالشّفرة وجئني بالقدح» ، قال : إنّها قد عزبت وليس لها لبن ، قال : انطلق ، فانطلق فجاء بقدح ، فمسح النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ضرعها ، ثمّ حلب حتى ملأ القدح ، ثم قال : انطلق به إلى أمّك ، فشربت حتى رويت ، ثم جاء به فقال : انطلق بهذه وجئني بأخرى ، ففعل بها كذلك ، ثم سقى أبا بكر ، ثم جاء بأخرى ، ففعل بها كذلك ، ثم شرب صلىاللهعليهوسلم ، قال فبتنا ليلتنا ثمّ انطلقنا ، فكانت تسمّيه «المبارك» ، وكثر غنمها حتى جلبت جلبا إلى المدينة ، فمرّ أبو بكر فرآه ابنها فعرفه فقال : يا أمه إنّ هذا الرجل الّذي كان مع المبارك ، فقامت إليه فقالت : يا عبد الله من الرجل الّذي كان معك؟ قال : وما تدرين من هو! قالت : لا ، قال : هو النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، قالت : فأدخلني عليه ، فأدخلها عليه فأطعمها وأعطاها (٢).
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٢ / ٢٢٥ ، الطبقات لابن سعد ١ / ٢٢٩ ، تاريخ الطبري ٢ / ٣٨٠ ، دلائل النبوّة لأبي نعيم ٢ / ١١٨ ، نهاية الأرب ١٦ / ٣٣٧ ، عيون الأثر ١ / ١٨٩.
(٢) دلائل النبوّة للبيهقي ، سيرة ابن كثير ٢ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩.