على ظهر الطّريق ، فوقف عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ينتظر أن يدعوه إلى المنزل ، وهو يومئذ سيّد (أهل المدينة) في أنفسهم ، فقال عبد الله : انظر الذين دعوك فأتهم ، فعمد إلى سعد بن خيثمة ، فنزل عليه في بني عمرو بن عوف ثلاث ليال ، واتّخذ مكانه مسجدا فكان يصلّي فيه ، ثم بناه بنو عمرو بن عوف ، فهو الّذي أسّس على التّقوى والرّضوان (١).
ثم إنّه ركب يوم الجمعة ، فمرّ على بني سالم ، فجمّع فيهم ، وكانت أول جمعة صلّاها حين قدم المدينة ، واستقبل بيت المقدس ، فلمّا أبصرته اليهود صلّى إلى (٢) قبلتهم طمعوا فيه للّذي يجدونه مكتوبا عندهم ، ثم ارتحل فاجتمعت له الأنصار يعظّمون دين الله بذلك ، يمشون حول ناقة النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، لا يزال أحدهم ينازع صاحبه زمام النّاقة ، فقال : خلّوا سبيل النّاقة ، فإنّما أنزل حيث أنزلني الله ، حتى انتهى إلى دار أبي أيّوب في بني غنم ، فبركت على الباب ، فنزل ، ثمّ دخل دار أبي أيّوب ، فنزل عليه حتى ابتنى مسجده ومسكنه في بني غنم ، وكان المسجد موضعا للتّمر لابني أخي أسعد بن زرارة ، فأعطاه النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وأعطى ابني أخيه مكانه نخلا له في بني بياضة ، فقالوا : نعطيه النّبيّ صلىاللهعليهوسلم لا نأخذ له ثمنا ، وبنى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم لحمزة ولعليّ ولجعفر ، وهم بأرض الحبشة ، وجعل مسكنهم في مسكنه ، وجعل أبوابهم في المسجد مع بابه ، ثمّ إنّه بدا له ، فصرف باب حمزة وجعفر. كذا قال : وهم بأرض الحبشة ، وإنّما كان عليّ بمكة. رواه ابن عائذ ، عن محمد بن شعيب ، عنه (٣).
وقال موسى بن عقبة : لمّا دنا النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر من المدينة ، وقدم
__________________
(١) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٣٨٢ ـ ٣٨٣.
(٢) (إلى) ساقطة من الأصل فاستدركتها من (ع) والمنتقى لابن الملا ودلائل النبوّة للبيهقي.
(٣) دلائل النبوّة للبيهقي ٢ / ٢٢٨.