والشيء فأكسوه وأطعمه ، حتى اعترضني رجل من المشركين ، فقال : يا بلال إنّ عندي سعة فلا تستقرض من أحد إلّا منّي ، ففعلت ، فلمّا كان ذات يوم ، توضّأت ، ثمّ قمت لأؤذّن بالصّلاة ، فإذا المشرك في عصابة من التّجّار ، فلمّا رآني قال : يا حبشيّ ، قلت يا لبّيه (١) ، فتهجّمني ، وقال قولا غليظا ، فقال : أتدري كم بينك وبين الشهر؟ قلت : قريب. قال : إنّما بينك وبينه أربع ليال ، فآخذك بالذي لي عليك ، فإنّي لم أعطك الّذي أعطيتك من كرامتك ، ولا من كرامة صاحبك ، ولكن أعطيتك لتصير (٢) لي عبدا ، فأردّك ترعى الغنم ، كما كنت قبل ذلك ، فأخذني في نفسي ما يأخذ في أنفس النّاس ، فانطلقت ثمّ أذّنت بالصّلاة ، حتّى إذا صلّيت العتمة رجع النّبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى أهله ، فاستأذنت عليه ، فأذن لي ، فقلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمّي إنّ المشرك قال لي كذا وكذا ، وليس عندك ما تقضي عني ، ولا عندي ، وهو فاضحي ، فأذن لي أن آتي بعض هؤلاء الأحياء الذين قد أسلموا ، حتّى يرزق الله رسوله ما يقضي عنّي ، فخرجت ، حتى أتيت منزلي ، فجعلت سيفي وجرابي ورمحي (٣) ونعلي عند رأسي ، واستقبلت بوجهي الأفق ، فكلّما نمت انتبهت ، فإذا رأيت عليّ ليلا نمت ، حتى انشقّ عمود الصّبح الأول ، فأردت أن أنطلق ، فإذا إنسان يسعى ، يدعو : يا بلال أجب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فانطلقت حتّى أتيته ، فإذا أربع ركائب عليهنّ أحمالهنّ ، فأتيت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فاستأذنت ، فقال لي النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «أبشر ، فقد جاءك الله بقضائك» ، فحمدت الله ، قال : «ألم تمرّ على الركائب المناخات الأربع؟ قلت : بلى ، قال : «فإنّ لك رقابهنّ وما عليهنّ» ، فإذا عليهنّ
__________________
(١) عند أبي داود «يا لبّاه».
(٢) هكذا في نسخة دار الكتب ، والمنتقى لابن الملّا ، أما في الأصل ، وفي (ع) وفي (ح) «لتجب». واللفظتان غير موجودتين في سنن أبي داود.
(٣) عند أبي داود «مجنّي» بدل «رمحي».