قلت : نعم ، قالوا : هو هذا؟ قلت : اللهمّ نعم ، أشهد أنّه هو ، قالوا ، أتعرف هذا الّذي أخذ بعقبه؟ قلت : نعم ، قالوا : نشهد أنّ هذا صاحبكم وأنّ هذا الخليفة من بعده.
رواه البخاري في «تاريخه» (١) ، عن محمد ، غير منسوب عن محمد ابن عمر بن سعيد ، أخصر من هذا.
وقال إبراهيم بن الهيثم البلدي : حدّثنا عبد العزيز بن مسلم بن إدريس ، ثنا عبد الله بن إدريس ، عن شرحبيل بن مسلم ، عن أبي أمامة الباهليّ ، عن هشام بن العاص الأمويّ قال :
بعثت أنا ورجل من قريش إلى هرقل ندعوه إلى الإسلام ، فنزلنا على جبلة بن الأيهم الغسّاني ، فدخلنا عليه ، وإذا هو على سرير له ، فأرسل إلينا برسول نكلّمه ، فقلنا : والله لا نكلّم رسولا ، إنّما بعثنا إلى الملك (٢) ، فأذن لنا وقال : تكلّموا ، فكلّمته ودعوته إلى الإسلام ، وإذا عليه ثياب سواد ، قلنا : ما هذه؟ قال : لبستها وحلفت أن لا أنزعها حتى أخرجكم من الشام ، قلنا : ومجلسك هذا ، فو الله لنأخذنّه منك ، ولنأخذنّ منك الملك الأعظم إن شاء الله ، أخبرنا بذلك نبيّنا (٣) ، قال : لستم بهم ، بل هم قوم يصومون بالنّهار فكيف صومكم؟ فأخبرناه ، فملأ وجهه سوادا وقال : قوموا ، وبعث معنا رسولا إلى الملك ، فخرجنا حتّى إذا كنّا قريبا من المدينة ، فقال الّذي معنا : إنّ دوابّكم هذه لا تدخل مدينة الملك ، فإن شئتم حملناكم على
__________________
(١) التاريخ الكبير ١ / ١٧٩ وفيه في آخره : «قال : إنّه لم يكن نبيّ إلّا كان بعده نبيّ إلّا هذا النّبيّ».
(٢) زاد في السيرة الشامية : «فإن أذن لنا كلّمناه وإلّا لم نكلّم الرسول».
وتراجع السيرة لوجود اختلاف في نصّ الرواية عمّا هنا.
(٣) لعلّ هنا نقصا يستدرك من الرواية المقبلة وهو قوله : (قال : أنتم إذا السمراء ، قلنا : وما السمراء؟).