الربعة (١) العظيمة ، مذهّبة فيها بيوت صغار ، عليها أبواب ، ففتح بيتا وقفلا ، واستخرج حريرة سوداء فنشرها ، فإذا فيها صورة حمراء ، وإذا فيها رجل ضخم العينين عظيم الأليتين ، لم أر مثل طول عنقه ، وإذا ليست له لحية ، وإذا له ضفيرتان أحسن ما خلق الله ، قال : هل تعرفون هذا؟ قلنا : لا ، قال : هذا آدم عليهالسلام ، ثمّ فتح لنا بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة سوداء ، وإذا فيها صورة بيضاء ، وإذا له شعر كشعر القطط ، أحمر العينين ضخم الهامة حسن اللّحية ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا : لا ، قال : هذا نوح عليهالسلام ، ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء ، وإذا فيها رجل شديد البياض حسن العينين صلت الجبين (٢) ، طويل الخدّين أبيض اللّحية كأنّه يتبسّم ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا : لا ، قال : هذا إبراهيم عليهالسلام ، ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء ، فإذا فيها صورة بيضاء (٣) وإذا والله رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : أتعرفون هذا؟ قلنا : نعم ، محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وبكينا ، قال : والله يعلم أنّه قام قائما ثمّ جلس وقال : والله إنّه لهو؟ قلنا : نعم إنّه لهو ، كأنّما ننظر إليه ، فأمسك ساعة ينظر إليها ، ثمّ قال : أما إنّه كان آخر البيوت ، ولكنّي عجّلته لكم لأنظر ما عندكم ، ثمّ فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء ، فإذا فيها صورة أدماء سحماء (٤) وإذا رجل جعد قطط ، غائر العينين ، حديد النّظر ، عابس ، متراكب الأسنان ، مقلّص الشّفة ، كأنّه غضبان ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا : لا ، قال : هذا موسى عليهالسلام ، وإلى جنبه صورة تشبهه ، إلّا أنّه مدهانّ الرأس ،
__________________
(١) إناء مربّع ، على ما في (النهاية لابن الأثير).
(٢) أي واسعه ، وقيل الأملس ، وقيل البارز. (النهاية).
(٣) هنا زيادة كلمات في (ع) ، وهي دخيلة مقحمة.
(٤) أي سوداء. وفي «المنتقى» لابن الملا (شحماء) وهو تصحيف ، وكذلك في (السيرة الشامية).