عليه ، ثمّ شخص بصره إلى السماء فيقول : «نعم في الرفيق الأعلى» ، وذكر الحديث ، إلى أن قال : فأرسلت عائشة إلى أبي بكر ، وأرسلت حفصة إلى عمر ، وأرسلت فاطمة إلى عليّ ، فلم يجتمعوا حتّى توفّي رسول الله صلىاللهعليهوسلم على صدر عائشة ، وفي يومها يوم الاثنين ، وجزع النّاس ، وظنّ عامّتهم أنّه غير ميّت ، منهم من يقول : كيف يكون شهيدا علينا ونحن شهداء على النّاس ، فيموت ، ولم يظهر على النّاس ، ولكنّه رفع كما فعل بعيسى ابن مريم ، فأوعدوا من سمعوا يقول : إنّه قد مات ، ونادوا على الباب «لا تدفنوه فإنّه حيّ» ، وقام عمر يخطب النّاس ويوعد بالقتل والقطع ، ويقول : إنّه لم يمت وتوعّد المنافقين ، والنّاس قد ملئوا المسجد يبكون ويموجون ، حتى أقبل أبو بكر من السّنح (١).
وقال يونس بن بكير ، عن أبي معشر ، عن محمد بن قيس ، عن أمّ سلمة قالت : وضعت يدي على صدر رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم مات ، فمرّ بي جمع آكل وأتوضّأ ، ما يذهب ريح المسك من يدي.
وقال ابن عون ، عن إبراهيم بن يزيد ـ هو التّيميّ ـ عن الأسود قال : قيل لعائشة : إنّهم يقولون إنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أوصى إلى عليّ ، وقد (٢) رأيته دعا بطست ليبول فيها ، وأنا مسندته إلى صدري ، فانحنث (٣) فمات ، ولم أشعر فيم يقول هؤلاء إنّه أوصى إلى عليّ. متّفق عليه (٤).
__________________
(١) انظر المغازي لعروة ٢٢٢ ، وفتح الباري ٨ / ١٤٤ ، وطبقات ابن سعد ٢ / ٢٧١ ، والبداية والنهاية لابن كثير ٥ / ٢٤٢.
(٢) في صحيح الإمام البخاري (قالت : ولقد رأيته).
(٣) أي استرخى ومال إلى أحد شقّيه.
(٤) أخرجه البخاري في المغازي ٥ / ١٤٣ باب مرض النبيّ صلىاللهعليهوسلم ووفاته ، وفي الوصايا ٣ / ١٨٦ أول الباب ، ومسلّم في الوصيّة (١٦٣٦) باب ترك الوصيّة لمن ليس له شيء يوصي فيه ، وابن ماجة في الجنائز (١٦٢٦) باب ما جاء في ذكر مرض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأحمد في المسند ٦ / ٣٢ ، وابن سعد في الطبقات ٢ / ٢٦٠ و ٢٦١.