قريش فتذاكروا بنيان الكعبة فقالوا : كانت مبنيّة برضم يابس (١) ، وكان بابها بالأرض ، ولم يكن لها سقف ، وإنّما تدلّى الكسوة على الجدر ، وتربط من أعلى الجدر من بطنها ، وكان في بطن الكعبة عن يمين الداخل جبّ يكون فيه ما يهدى للكعبة بنذر من جرهم ، وذلك أنّه عدا على ذلك الجبّ قوم من جرهم فسرقوا ما به (٢) فبعث الله تلك الحيّة فحرست الكعبة وما فيها خمسمائة سنة إلى أن بنتها قريش ، وكان قرنا الكبش (٣) معلّقين في بطنها مع معاليق من حلية (٤).
إلى أن قال : (٥) حتى بلغوا الأساس الّذي رفع عليه إبراهيم وإسماعيل القواعد ، فرأوا حجارة كأنّها الإبل الخلف (٦) لا يطيق الحجر منها ثلاثون رجلا يحرّك الحجر منها ، فترتجّ جوانبها ، قد تشبّك بعضها ببعض ، فأدخل الوليد بن المغيرة عتلة بين حجرين فانفلقت منه فلقة ، فأخذها رجل (٧) فنزّت من يده حتى عادت في مكانها ، وطارت من تحتها برقة كادت أن تخطف أبصارهم ، ورجفت مكة بأسرها ، فأمسكوا (٨).
إلى أن قال : وقلّت النّفقة عن عمارة البيت ، فأجمعوا على أن يقصّروا عن القواعد ويحجّروا ما يقدرون ويتركوا بقيّته في الحجر ، ففعلوا ذلك وتركوا ستّة أذرع وشبرا ، ورفعوا بابها وكسوها (٩) بالحجارة حتى لا يدخلها السّيل ولا
__________________
(١) في أخبار مكة «ليس بمدر».
(٢) عند الأزرقي «فسرقوا مالها وحليتها مرة بعد مرة».
(٣) عند الأزرقي «الّذي ذبحه إبراهيم خليل الرحمن».
(٤) أخبار مكة للأزرقي ١ / ١٥٩ ، ١٦٠.
(٥) الأزرقي ١ / ١٦٢.
(٦) بمعنى الصخور العظيمة.
(٧) هو أبو وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم. (أخبار مكة ١ / ١٦٣).
(٨) أخبار مكة للأزرقي ١ / ١٦٢ ، ١٦٣.
(٩) عند الأزرقي «أكبسوها».