مكة ، فسمعت غناء وصوت دفوف ومزامير ، فقلت : ما هذا؟ قالوا : فلان تزوّج ، فلهوت بذلك حتى غلبتني عيني ، فنمت ، فما أيقظني إلّا مسّ الشّمس ، فرجعت إلى صاحبي ، ثم فعلت ليلة أخرى مثل ذلك ، فو الله ما هممت بعدها بسوء ممّا يعمله أهل الجاهليّة ، حتى أكرمني الله بنبوّته» (١).
وروي مسعر ، عن العبّاس بن ذريح (٢) ، عن زياد النّخعيّ ، ثنا عمّار ابن ياسر أنّهم سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هل أتيت في الجاهليّة شيئا حراما؟ قال : لا ، وقد كنت معه على ميعادين ، أمّا أحدهما فحال بيني وبينه سامر قومي ، والآخر غلبتني عيني» أو كما قال.
وقال ابن سعد (٣) : أنا محمد بن عمر ، ثنا أبو بكر بن أبي سبرة ، عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عبّاس ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس قال : حدّثتني أمّ أيمن قالت : «كان بوانة صنما تحضره قريش ، تعظّمه وتنسّك (٤) له النّسّاك (٥) ، ويحلّقون رءوسهم عنده ، ويعكفون عنده يوما (٦) في السنة ، وكان أبو طالب يكلّم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يحضر ذلك العيد ، فيأبى ، حتى رأيت أبا طالب غضب (٧) ، ورأيت عمّاته غضبن (٨) يومئذ أشدّ الغضب ، وجعلن يقلن : إنّا نخاف عليك مما تصنع من اجتناب آلهتنا (٩) ، فلم يزالوا به
__________________
(١) قال ابن كثير في السيرة ١ / ٢٥٢ : «هذا حديث غريب جدا ، وقد يكون عن عليّ نفسه ويكون قوله في آخره : حتى أكرمني الله عزوجل بنبوّته ، مقمحما ، والله أعلم.
وقد رواه البيهقي في دلائل النبوّة.
(٢) ذريح : بفتح الذال المعجمة وكسر الراء.
(٣) الطبقات الكبرى ١ / ١٥٨.
(٤) تذبح له.
(٥) في الطبقات «النسائك».
(٦) في الطبقات «يوما إلى الليل».
(٧) في الطبقات «غضب عليه».
(٨) في الطبقات «غضبن عليه».
(٩) في الطبقات زيادة «وجعلن يقلن : ما تريد يا محمد أن تحضر لقومك عيدا ولا تكثّر لهم جمعا».