حتى ذهب فغاب عنهم ما شاء الله ، ثم رجع إلينا مرعوبا ، (١) ، فقلن (٢) : ما دهاك؟ قال : إنّي أخشى أن يكون لي لمم ، فقلن : ما كان الله ليبتليك بالشيطان ، وفيك من خصال الخير ما فيك ، فما الّذي رأيت؟ قال : إنّي كلّما دنوت من صنم منها تمثّل لي رجل أبيض طويل يصيح (٣) : «وراءك يا محمد لا تمسّه) قالت : فما عاد إلى عيد لهم حتى نبّئ» (٤).
وقال أبو أسامة : ثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن أسامة بن زيد ، عن أبيه قال : «كان صنم (٥) من نحاس يقال له إساف أو نائلة يتمسّح المشركون به إذا طافوا ، فطاف رسول الله صلىاللهعليهوسلم وطفت معه ، فلما مررت مسحت به ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا تمسّه ، قال زيد : فطفنا فقلت في نفسي : لأمسّنّه حتى انظر ما يكون (٦) ، فمسحته ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ألم تنه» (٧).
هذا حديث حسن (٨). وقد زاد فيه بعضهم عن محمد بن عمرو بإسناده : قال زيد فو الله ما استلم صنما حتى أكرمه الله بالذي أنزل عليه.
وقال جرير بن عبد الحميد ، عن سفيان الثّوري ، عن عبد الله بن
__________________
(١) في الطبقات «مرعوبا فزعا».
(٢) في الطبقات «فقالت له عمّاته».
(٣) في الطبقات «يصيح بي».
(٤) في الطبقات «تنبّأ».
(٥) في مجمع الزوائد ٩ / ٤١٨ «بين الصفا والمروة صنمان من نحاس ، أحدهما يقال له يساف والآخر يقال له نائلة ، وكان المشركون إذا طافوا تمسّحوا بهما».
أقول : لعلّ هذا هو الأصحّ ، لأن النصّ عند الذهبي يوحي أن إساف ونائلة اسم لصنم واحد ، والمشهور أنّهما صنمان ، وقد مرّ ذكرهما قبل قليل.
(٦) في المجمع «ما يقول».
(٧) في المجمع «فقال النبي صلىاللهعليهوسلم لزيد إنّه يبعث أمّة وحده».
(٨) رواه أبو يعلى والبزّار والطبراني. (مجمع الزوائد ٩ / ٤١٨).