وتمخّط مرّة فقال : الحمد لله الّذي تمخّط أبو هريرة في الكتّان ، لقد رأيتني وإني لأخّر من الجوع ، فيجلس الرجل على صدري ، فأرفع رأسي ، فأقول : ليس الّذي ترى ، إنّما هو الجوع (١).
وقال أبو كثير السّحيميّ : حدّثني أبو هريرة قال : والله ما خلق الله مؤمنا يسمع بي إلا أحبّني ، قلت : وما علمك بذاك؟ قال : إنّ أمّي كانت مشركة ، وكنت أدعوها إلى الإسلام ، وكانت تأبي عليّ ، فدعوتها يوما ، فأسمعتني في رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما أكره ، فأتيته أبكي ، وسألته أن يدعو لها ، فقال : «اللهمّ أهد أمّ أبي هريرة» ، فخرجت أعدو أبشّرها ، فأتيت فإذا الباب مجاف ، وسمعت خضخضة الماء ، وسمعت حسّي فقالت : كما أنت ، ثم فتحت ، وقد لبست درعها ، وعجّلت عن خمارها ، فقالت : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فرجعت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبكي من الفرح ، فأخبرته فقلت : أدع الله يا رسول الله أن يحبّبني وأمّي إلى عباده المؤمنين ، فقال : اللهمّ حبّب عبيدك هذا وأمّه إلى عبادك المؤمنين ، وحبّبهم إليهما». هذا حديث صحيح ، أظنّه في مسلم (٢).
أيّوب ، عن محمد قال : تمخّط أبو هريرة وعليه ثوب من كتّان ممشّق ، فتمخّط فيه ، وقال : بخ بخ ، يتمخط أبو هريرة في الكتّان ، لقد رأيتني أخّر فيما بين منبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحجرة عائشة ، يجيء الجائي يظنّ بي جنونا (٣).
شعبة ، عن محمد بن زياد قال : رأيت على أبي هريرة كساء خزّ (٤).
وقال قتادة وغير واحد : كان أبو هريرة يلبس الخزّ.
__________________
(١) أخرجه البخاري في الاعتصام ١٣ / ٢٥٨ باب ما ذكر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وحضّ على اتفاق أهل العلم ... ، والترمذي في الزهد (٢٣٦٧) باب ما جاء في معيشة أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وابن سعد في الطبقات ٤ / ٣٢٧.
(٢) أقول : هو كما ظنّ المؤلّف ـ رحمهالله ـ في فضائل الصحابة (٢٤٩١) ، وفي مسند أحمد ٢ / ٢١٩ ، ٢٢٠ ، وتاريخ دمشق ١٩ / ١١٢ ب ، وصفة الصفوة ١ / ٦٨٧.
(٣) ذكر نحوه ابن الجوزي في صفة الصفوة ١ / ٦٩١.
(٤) طبقات ابن سعد ٤ / ٣٣٣.