وقال : قد ترى ، فإمّا أن ترضيني ، وإمّا أن ألحق به ، قال : فما تريد؟ قال : مصر ، فجعلها له (١).
وعن يزيد بن أبي حبيب وغيره ، أنّ الأمر لما صار لمعاوية استكثر طعمة مصر لعمرو ، ورأى عمرو أنّ الأمر كله قد صلح به وبتدبيره وعنائه ، وظنّ أنّ معاوية سيزيده الشام مع مصر ، فلم يفعل معاوية ، فتنكّر له عمرو ، فاختلفا وتغالظا ، فدخل بينهما معاوية بن حديج ، فأصلح أمرهما ، وكتب بينهما كتابا : أنّ لعمرو ولاية مصر (٢) سبع سنين ، وأشهد عليهما شهودا ، ثم سار عمرو إليها سنة تسع وثلاثين ، فما مكث نحو ثلاث سنين حتى مات (٣).
ويروى أنّ عمرا ومعاوية اجتمعا ، فقال معاوية له : من الناس؟ قال : أنا ، وأنت ، والمغيرة بن شعبة ، وزياد ، قال : وكيف ذاك؟ قال : أما أنت فللتأنّي ، وأما أنا فللبديهة ، وأما مغيرة فللمعضلات ، وأما زياد فللصغير والكبير ، قال : أما ذانك فقد غابا ، فهات أنت بهديتك ، قال : وتريد ذلك؟ قال : نعم ، قال : فأخرج من عندك ، فأخرجهم ، فقال : يا أمير المؤمنين أسارّك ، قال : فأدنى منه رأسه ، فقال : هذا من ذاك ، من معنا في البيت حتى أسارّك؟! (٤).
وقال جويرية بن أسماء أنّ عمرا قال لابن عباس : يا بني هاشم ، أما والله لقد تقلّدتم لقتل عثمان قرم الإماء العوارك (٥) ، أطعتم فسّاق أهل العراق في عتبة ، وأجزرتموه مرّاق أهل مصر ، وآويتم قتلته. فقال ابن عباس : إنّما تكلّم لمعاوية ، وإنّما تكلّم عن رأيك ، وإنّ أحقّ الناس أن لا يتكلّم في أمر عثمان لأنتما ، أما أنت يا معاوية فزيّنت له ما كان يصنع ، حتى إذا حصر طلب منك نصرك ، فأبطأت عنه ، وأحببت قتله وتربّصت به ، وأما أنت يا عمرو ،
__________________
(١) تاريخ دمشق ١٣ / ٢٦١ ب.
(٢) في الأصل «طابة مصر».
(٣) الطبقات الكبرى ٤ / ٢٥٨ ، تاريخ دمشق ١٣ / ٢٦٢ ب.
(٤) تاريخ دمشق ١٣ / ٢٦٢ ب ، ٢٦٣ أ.
(٥) القرم : شدّة الشهوة. والعوارك : الحيض.