بمنزلة فتنة » (١).
وقال عليهالسلام : « يأتي على الناس زمان ، يبايع فيه المضطرون ، وقد نهى رسول الله عن بيع المضطرين » (٢).
وقال عليهالسلام ـ في خطبة له يذكر فيها فضل القرآن وشيئاً من مواعظه ـ : « انتفعوا ببيان الله ، واتعظوا بمواعظ الله واقبلوا نصيحة الله ، فإن الله قد أعذر إليكم بالجليلة ، واتخذ عليكم الحجة ، وبين لكم محابّهُ من الأعمال ومكارهه منها ؛لتبغوا هذه وتتجنٌبوا هذه ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يقول : إن الجنة حفت (٣) بالمكارة ، وان النار حفت بالشهوات.
واعلموا ، أنه مامن طاعة الله شيء إلا يأتي في كره ، ومامن معصية الله [ شئ ] (٤) إلا يأتي في شهوة ، فرحم الله رجلاً نزع عن شهوته ، وقمع هوى نفسه ، فإن هذه النفس أبعد شيء منزعاً ، وإنّها لاتزال تنزع إلى المعصية في هوى.
واعلموا ـ عباد الله ـ أنّ المؤمن لايصبح ولا يمسي إلا ونفسه ظنون (٥) عنده ، فلا يزال زارياَ عليها ، ومستزيداً لها ، فكونوا كالسابقين قبلكم والماضين أمامكم ، قوضوا (٦) من الدنيا تقويض الراحل ، وطووها طي المنازل.
واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لايغش ، والهادي الذي لايضل ، والمحدّث الذي لايكذب ، وما جالس هذا القران أحد إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان ، زيادة في هدى ، ونقصان من عمى.
واعلموا أنه ليس على أحد بعد القران من فاقة ، ولا لأحد قبل القران من غنى ، فاستشفوه من أدوائكم ، واستعينوا به على لأوائكم ، فإن فيه شفاء من أكبر الداء ، وهو الكفرو النفاق ، والغي والضلال ، واسألوا الله به ، وتوجهوا إليه بحبه ، ولا تسألوا به خلقه ، فإنه ما توجه العباد إلى الله بمثله.
__________________
١ ـ نهج البلاغة ٢ : ٦٢ / ١٥١ ، من كلام له عليهالسلام خاطب به أهل البصرة.
٢ ـ نهج البلاغة ٣ : ٢٦٤ / ٤٦٨.
٣ ـ في الأصل : حجبت ، وما أثبتناه من النهج.
٤ ـ أثبتناه من النهج.
٥ ـ الظنون : التي يظن فيها الظنون ، يعني انها متهمة عنده. اُنظر « الصحاح ـ ظن ـ ٦ : ٢١٦٠ »
٦ ـ تقوضت الصفوف : تفرقت « الصحاح ـ قوض ـ ٣ : ١١٠٣ ».