من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله
أنه خرج على أصحابه فقال : « أيها الناس ، اتقوا الله وارتحضوا (١) واستقيموا إليه ، فإن الإستقامة درجة بها كمال الأمور ونظامها ، وبوجودها حصول الخيرات وتمامها ، ومن لم يكن مستقيماً في حالته ضلّ سعيه وخاب جهده ، قال الله تعالى : واستقيموا إلى ربكم (٢) وقال سبحانه : ( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً ) (٣) وقال سبحانه : ( ولا تتخذوا أيمانكم دخلاً بينكم فتزلّ قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء ) (٤) واعلموا ـ عباد الله ـ انه من لم يكن مستقيماً في صفته ، لم يرتق من حاله إلى غيرها ، ولم يتبين سلوكه على صحته ».
وقال بعض آل محمد عليهمالسلام : « أيّها الناس ، لا تخرجوا من عز التقوى إلى ذل المعصية ، ولا من أنس الطاعة إلى وحشة الخطيئة ، ولا تسروا لإخوانكم غشاً ، فإنه من أسرّ لأخيه المؤمن غشاً ، أظهره الله في صفحات وجهه وفلتات لسانه ، فأورثه الله الخزي في الدنيا ، والعذاب والندامة في الآخرة ، فأصبح من الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ».
ولقد أحسن من قال :
العين تعلم من عيني محدثها |
|
إن كان من حزبها أو من معاديها |
وقال آخر :
إذا القوم أخفوك الذي في صدورهم |
|
من الغلّ أنبتك الوجوه العوابس |
وقال آخر أبياتاً موعظة :
أيابن آدم لا تلهيك عافية |
|
عليك مشمولة فالعمر معدود |
ما أنت إلا كزرع عند حضرته |
|
بكل شيء من الآفات مقصود |
فإن سلمت من الآفات أجمعها |
|
فأنت عند أوان الزرع محصود |
__________________
١ ـ رحض الثوب : غسله « القاموس المحيط ـ رحض ـ ٢ : ٣٣١ ».
٢ ـ كذا والظاهر أن المراد مضمون الآية ٦ من سورة فصلت : « انما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه ».
٣ ـ النحل ١٦ : ٩٢.
٤ ـ النحل ١٦ : ٩٤.