فقال : « رجلان من أمتي ، جثيا بين يدي ربي ، فقال أحدهما : يا رب ، خذلي بمظلمتي من أخي. فقال الله تعالى : أعط أخاك مظلمته ، فقال : يا رب ، لم يبق من حسناتي شيء ، فقال : يا رب ، فليحمل عنّي (١) من أوزاري ».
ثم فاضت عينا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقال : « إن ذلك اليوم ليوم يحتاج الناس فيه إلى من يحمل عنهم من أوزارهم.
ثم قال الله تعالى للطالب بحقه : ارفع بصرك إلى الجنة ، فانظر ماذا ترى؟ فرفع رأسه ، فرأى ما أعجبه من الخير والنعمة ، فقال : يا رب ، لمن هذا؟ فقال : لمن أعطاني ثمنه ، فقال : يا رب ، ومن يملك ثمن ذلك؟ فقال : أنت ، فقال : كيف لي بذلك؟فقال : بعفوك عن أخيك. فقال : يا رب ، قد عفوت فقال الله تعالى : فخذ بيد أخيك فادخلا الجنة. ثم قال رسول الله : فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم » (٢).
التاسع عشر : عن أنس بن مالك قال : قالوا : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون؟ فقال : « الذين نظروا إلى باطن الدنيا ، حين نظر الناس إلى ظاهرها ، فاهتمّوا بآجلها حين اهتم الناس بعاجلها ، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم ، وتركوا منها ما علموا أن سيتركهم ، فما عرض لهم منها عارض إلا رفضوه ، ولا خادعهم من رفعتها خادع إلا وضعوه ، أخلقت الدنيا عندهم فما يجدّدونها ، وخربت بينهم فما يعمرونها ، وماتت في صدورهم فما يحيونها ، بل يهدمونها فيبنون بها آخرتهم ، ويبيعونها فيشترون بها ما يبقى لهم ، نظروا إلى أهلها صرعى قد حلّتبهم المثلات ، فما يرون أماناً دون ما يرجون ، ولا خوفاً دون ما يجدون » (٣).
الحديث العشرون : عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، يقول « إنما انتم خلفُ ماضين ، وبقية متقدمين ، كانوا اكثر منكم بسطة ، وأعظم سطوة ، فازعجوا عنها أسكن ما كانوا إليها ، وغدرت بهم وأُخرجوا منها أوثق ما كانوا بها ، فلم يمنعهم قوة عشيرة ، ولا قُبل منهم بذل فدية ، فارحلوا انفسكم بزاد مبلّغ قبل أن تؤخذوا على فجأة وقد غفلتم عن الإستعداد » (٤).
__________________
١ ـ ليس في البحار.
٢ ـ البحار ٧٧ : ١٨٠ عن أعلام الدين.
٣ ـ البحار ٧٧ : ١٨١ عن أعلام الدين.
٤ ـ البحار ٧٧ : ١٨١ عن أعلام الدين.