ومن خطبة له في التوحيد (١)
ما وحّده من كيّفه ، ولا حقيقتَهُ أصاب من مثّله ، ولا إياه عنى من شبّهه ، ولاصمده من أشارإليه وتوهمه ، كل معروف بنفسه مصنوع ، وكل قائم في سواه معلول ، فاعل لا باضطراب آلةٍ ، مقدر لابجول فكرة ، غنيْ لا باستفادة ، لم لا تصحبه الأوقات ، ولا ترفده الأدوات ، سبق الأوقات كونه ، والعدم وجوده ، والابتداء ازله ، بتشعيره المشاعر عرف ألاّ مشعرله ، وبمضادته بين الاُمور عرف ألا ضد له ، وبمقارنته بين الأشياء عرف الاّقرين له ، ضاد النور بالظلمة ، والوضوح بالبهيمة ، والجمود بالبلل ، والحرور بالصرد ، مؤلفبين متعادياتها ، مقارن (٢) بين متبايناتها ، مقرب بين متباعداتها ، مفرق بين متدانياتها ، لا يُشمل (٣) بحد ، ولايحسب بعد ، وأنما تحد الادوات أنفسها ، وتشير الآلات (٤) إلى نظائرها ، منعتها (منذ) القدمية ، وحمتها (قد) الأزلية ، وجنبتها (لولا) التكملة ، [ بها ] (٥) تجلى صانعها للعقول ، و (٦) بها امتنع عن نظر العيون ، لايجري عليه السكون والحركة ، وكيف يجري عليه ما هو أجراه؟ ويعود فيه ما هو ابداه؟ ويحدث فيه ما هو أحدثه؟ إذاً لتفاوتت ذاته ، ولتجزأ كنهه ، ولامتنع من إلأزل معناه ، لو كان له وراء لوجد له امام ، ولا لتمس التمام اذ لزمه النقصان ، وإذاً لقامت آية المصنوع فيه ، ولتحول دليلاً بعد أن كان مدلولاً [ عليه ] (٧) ، وخرج بسلطان إلامتناع من أن يؤثر [ فيه ما يؤثر ] (٨) في غيره ، الذي لايحول (٩) ولا يزول ، ولا يجوزعليه الافوال ، لم يلدفيكون مولوداً ، ولم يولد فيكون (١٠) محدوداً ، جل عن اتخاذ الأبناء ، وطهرعن ملامسة النساء.
__________________
١ ـ رواها الشريف الرضي في نهح البلاغة ٢ : ١٤٢ / ١٨١ ، وقال : وتجمع هذه الخطبة من أصولالعلم مالا تجمعه خطبة غيرها.
٢ ـ في الأصل : مقارب ، وما أثبتناه من النهج.
٣ ـ في الأصل : لايشتمل ، وما أثبتناه من النهج.
٤ ـ في النهج : الالة.
٥ ـ أثبتناه من النهج.
٦ ـ في الأصل : في ، وما أثبتناه من النهج.
٧ ـ ٨ ـ أثبتناه من النهج.
٩ ـ في الأصل : لايحرك ، وما أثبتناه من النهج.
١٠ ـ في النهج : فيصير.