كفّى عنها يا حفصة ، فانّها خير منك رغبت في رسول الله فلمتها؟! وعيّبتها؟! ثمّ قال للمرأة انصرفي رحمك الله ، فقد أوجب الله لك الجنّة لرغبتك فيّ وتعرّضك لمحبّتى وسروري ، وسيأتيك أمري ان شاء الله ، فأنزل الله عزوجل وامرأة مؤمنة (الآية) قال فأحلّ الله عزوجل هبة المرأة نفسها لرسول الله (ص) ولا يحلّ ذلك لغيره وقد ذكر انّ هذا الحكم من خصائصه (ص) وليس لغيره ان ينكح بهبة المرأة نفسها من دون مهر ، وقيل : انّ الرّسول (ص) لم يكن عنده امرأة وهبت نفسها له ، وقيل : بل كانت عنده ميمونة بنت الحارث بالهبة ، وقيل : هي زينب بنت خزيمة المكنّاة بامّ المساكين ، وقيل : كانت امرأة من بنى أسد يقال لها امّ شريك ، وقيل : كانت خولة بنت حكيم ، وعن الصّادق (ع) انّه قال : تزوّج رسول الله (ص) بخمس عشرة امرأة ودخل بثلاث عشرة منهنّ ، وقبض عن تسع فامّا اللّتان لم يدخل بهما فعمرة والشّنباء ، وامّا الثّلاث عشرة اللّاتى دخل بهنّ فأولهنّ خديجة بنت خويلد ثمّ سودة بنت زمعة ثمّ امّ سلمة واسمها هند بنت ابى أميّة ، ثمّ امّ عبد الله عائشة بنت ابى بكر ، ثمّ حفصة بنت عمر ، ثمّ زينب بنت خزيمة بن الحارث امّ المساكين ، ثمّ زينب بنت جحش ، ثمّ امّ حبيبة رملة بنت ابى سفيان ، ثمّ ميمونة بنت الحارث ، ثمّ زينب بنت عميس ، ثمّ جويرية بنت الحارث ، ثمّ صفيّة بنت حىّ بن اخطب ، والّتى وهبت نفسها للنّبىّ خولة بنت حكيم السّلمى وكان له (ص) سريّتان يقسم لهما مع أزواجه مارية القبطيّة وريحانة الخندفيّة ، والتّسع اللّواتى قبض عنهنّ عائشة ، وحفصة ، وامّ سلمة ، وزينب بنت جحش ، وميمونة بنت الحارث ، وامّ حبيبة بنت ابى سفيان ، وصفيّة وجويريّة وسودة ، وافضلهنّ خديجة بنت خويلد ، ثمّ امّ سلمة ، ثمّ ميمونة (قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي) حقّ (أَزْواجِهِمْ) من العدد والقسم (وَما مَلَكَتْ) اى في حقّ ما ملكت (أَيْمانُهُمْ) من الإماء من التّوسعة عليهنّ في المعيشة وعدم التّضييق عليهنّ في الخدمة والاقتصار على المملوكة ان لم يطيقوا الحرّة والاقتصار على حرّة واحدة ان خافوا عدم العدالة وهذه الجملة معترضة وجواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : لم احلّت للرّسول (ص) أزيد من الأربع ولم يحلّ لامّته أزيد منها؟ بل لم يحلّ لهم أكثر من واحدة ان خافوا ان لا يعدلوا؟ ـ فقال : قد علمنا سبب ذلك فيه وفيهم وليس هذا الحكم فيه وفيهم من غير سبب واستحقاق والجاهلون للأسباب يلومونه على ما فرض الله عليه (لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ) متعلّق بأحلّ أو بخالصة لك أو بعامل امرأة مؤمنة يعنى انّك خرجت من التّقييد وصرت مطلقا ولا ينبغي ان يكون عليك حرج فيما أردت (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) فيغفر ما يلزمك من تعدّد الأزواج من تكدّر قلبك بالكثرات وتعدّد الأزواج ، أو يغفر لمن يلومك في تعدّد الأزواج من جهله بسببه (رَحِيماً) يرحمك فيحفظك ممّا يشينك في الدّنيا من تعدّد الأزواج ، أو يرحمك في الآخرة بالتّوسعة عليك في مقاماتك ، أو يرحمهم فيحفظهم ممّا يخرجهم من الايمان في ملامتك ، أو يرحمهم في الآخرة (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) قد مضى سبب نزول هذه الآية عند قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا) (الآية) والمعنى تقدّم من تشاء من نسائك في المضاجعة والإيواء إليك من غير نظر الى القسم فيكون الآية توسعة عليه في القسم بين نسائه ، أو المعنى تعزل من تشاء منهنّ بغير طلاق وتردّ إليك من تشاء بعد عزلك تسعة وعشرين يوما ، أو المعنى تطلّق من تشاء وتمسك من تشاء ، أو المعنى تترك نكاح من شئت من نساء أمّتك وتنكح من شئت منهنّ ، وعلى اىّ تقدير فالجملة جواب لسؤال مقدّر وتوسعة له (ص) بالنّسبة الى أزواجه ونكاحه ، وهل كان تخييره لنسائه بين اختيار الدّنيا واختيار الله ورسوله (ص) طلاقا لهنّ بعد اختيارهنّ الدّنيا أو كنّ محتاجات الى الطّلاق وكذلك عزله (ص) وارجاؤه لهنّ؟ فعن الباقر (ع) انّه سئل عن رجل خيّر امرأته فاختارت نفسها بانت؟ ـ قال : لا ، انّما هذا شيء كان لرسول الله (ص) امر بذلك ففعل ، ولو اخترن انفسهنّ لطلّقهنّ وهو قول الله تعالى : قل لأزواجك ان كنتنّ (الآية) (وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ) من دون عقد جديد (ذلِكَ)