الأفلاك كالكواكب كما تكون طبيعيّة تكون روحانيّة كما قيل :
آسمانهاست در ولايت جان |
|
كارفرماى آسمان جهان |
والإتيان بضمير ذوي العقول للاشارة الى انّها ذو وشعور وعلم كما قيل :
خرمگس خنفسا حمار قبان |
|
همه با جان ومهر ومه بى جان |
واستعمال السّباحة لتشبيه الفلك بالبحر والنّهر وتشبيه الكواكب بالسّابح (وَما جَعَلْنا) التفات من الغيبة الى التّكلّم كما كان ما قبله التفاتا من التّكلّم الى الغيبة وهو عطف أو حال عن سابقه وانكار لما قالوا من انّا نتربّص به ريب المنون كأنّه قال : وخلقنا اللّيل والنّهار المفنيين بتعاقبهما كما هو مشهود لك وللجميع جميع النّفوس والمواليد وما جعلنا (لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ) خارجا من سنّة افناء اللّيل والنّهار حتّى تترقّب أو يترقّبوا لك الخلود (ما) ينتظرون موتك دون موتهم (فَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) تعليل لانكار الخلود (وَنَبْلُوكُمْ) عطف على كلّ نفس ذائقة الموت ، أو على ما جعلنا والاختلاف بالاسميّة والفعليّة أو بالمضىّ والاستقبال للاشعار بانّ الاختبار مستمرّ من الماضي الى الاستقبال (بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ).
اعلم ، انّ الإنسان ذو مراتب ولكلّ مرتبة منها شرّ وخير خاصّان بها فانّ المرتبة الحيوانيّة خيراتها ملائمات شهواته وغضباته ، والمرتبة البشريّة خيراتها ملائمات هذه لكن مع عدم الخروج عن انقياد العقل ، والمرتبة القلبيّة ملائماتها العلوم والأوصاف الجميلة ، وشرور كلّ منافراته ، وهكذا ، وقد يكون خير مرتبة شرّا لمرتبة اخرى ، وقد يكون خيرا وقد لا يكون شرّا ولا خيرا ، ومعنى الابتلاء الاختبار والخلاص ممّا لا ينبغي ان يكون مع الإنسان ، والاختبار بشرّ المراتب واضح والاختبار بخيرها بان ينظر هل يشكر ويتوجّه في الخير الى مفيض الخير أو يطغى ويلهو عنه ، فانّ في الشّكر خلاصا للطّيفة الانسانيّة من الشّوائب وللنّفس من الرّذائل ، وفي الطّغيان خلاصا للّطيفة السّجينيّة من شوائب العلّيّين وللنّفس من شوب الخصائل (فِتْنَةً) مصدر من غير لفظ الفعل (وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) وعد ووعيد وهو عطف على كلّ نفس ذائقة الموت ومفيد للتّعليل لانكار الخلود مثل سابقه ، روى انّ أمير المؤمنين (ع) مرض فعاده إخوانه فقالوا : كيف نجدك يا أمير المؤمنين (ع)؟ ـ قال : بشرّ ، قالوا : ما هذا كلام مثلك! قال (ع) : انّ الله تعالى يقول ونبلوكم بالشّرّ والخير فتنة ، فالخير الصّحّة والغنى ، والشّرّ المرض والفقر (وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله أو بك أو بعلىّ (ع) (إِنْ يَتَّخِذُونَكَ) هو جواب لاذا ولم يأت بالفاء في الجواب مع لزوم الفاء في الجواب المنفىّ بان امّا لتقدير الفاء أو لحذف الجواب بقرينة هذه الجملة والتّقدير اتّخذوك هزء ان يتّخذونك (إِلَّا هُزُواً) مهزوّا به وهو مصدر بمعنى اسم المفعول (أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ) حال بتقدير القول اى قائلين : أهذا الّذى كان بيننا وكان ضعيفا فينا هو الّذى يذكر آلهتكم بسوء ويعيبهم؟! والحال انّهم اولى بالاستهزاء لانّهم معرضون عن الله وعن خلفائه (وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ) تكرار المسند اليه بالضّمير للتّأكيد وللحصر الادّعائىّ كأنّهم لا كافر سواهم ، وتقديم الظّرف على عامله لشرافته بالاضافة الى الرّحمن وللحصر أيضا يعنى انّ للأشياء جهتين ، جهة ذكر الرّحمن وجهة ذكر الشّيطان وهوى النّفس وأنت تعيب عليهم الهتهم بجهتها الشّيطانيّة لا بجهتها الرّحمانيّة فأنت اولى بالتّصديق والتّبجيل وهم كافرون من الأشياء جهة ذكرها للرّحمن ناظرون الى جهة ذكرها للشّيطان ، فهم اولى بالاستهزاء واحقّ بالتّوهين ، أو المراد بالذّكر القرآن أو الرّسالة أو الولاية فانّ الكلّ ذكر لله ، والباء في قوله بذكر الرّحمن سببيّة أو صلة كافرون (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) جملة منقطعة عن سابقها لفظا ومعنى ، أو مرتبطة معنى جواب لسؤال