كان مذكورا أو مقدّرا كأنّه (ص) قال : أو أمّته قالوا مستبطئين لمؤاخذتهم الى م تمهلهم؟ ـ فقال : خلق الإنسان من عجل وهذه عبارة دائرة في العرب والعجم إذا أرادوا المبالغة في امر يقولون : انّه خلق من هذا الأمر كأنّه جعل ذلك الأمر مادّة خلقته ، وفي الخبر انّ آدم (ع) لمّا نفخ فيه الرّوح أراد ان يقوم قبل إتمام النّفخ فقال تعالى : خلق الإنسان من عجل (سَأُرِيكُمْ آياتِي) في مؤاخذة المستهزئين (فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) في حلول العذاب بهم ، وهذه الآية بهذا التّفسير تدلّ على انّ قوله خلق الإنسان من عجل مرتبط معنى بسابقها (يَقُولُونَ) عطف على قوله أهذا الّذى يذكر آلهتكم فانّه في التّقدير يقولون : أهذا الّذى يذكر الهتكم كما أشرنا اليه ويقولون استهزاء بنحو آخر (مَتى هذَا الْوَعْدُ) الّذى تعدون من وعد القيامة أو وعد العذاب (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في وعدكم (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أتى بالاسم الظّاهر تصريحا بكفرهم واشعارا بعلّة الحكم (حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ) حين مفعول يعلم ولو للشّرط والجزاء محذوف والمعنى لو يعلمون وقت احاطة النّار بهم في الجحيم أو في البرزخ وعدم قدرتهم على دفعها لعلموا اىّ منهم ومنكم احقّ بالاستهزاء أو لما استهزؤا أو لما استعجلوا الوعد ، أو لو للشّرط وحين ظرف والمعنى لو يكون لهم علم في وقت احاطة النّار بهم يعلمون ما حلّ بهم من العذاب أو لو للتّمنّى وحين على الوجهين (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) يعنى لا يقدرون على دفع العذاب بأنفسهم ولا يعينهم معين آخر (بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً) اضراب عن عدم علمهم المستفاد من لو يعلمون أو اضراب عن عدم كفّهم والضّمير للنّار أو للعدة أو للقيامة المعهودة بينهم (فَتَبْهَتُهُمْ) اى تحيّرهم بحيث لا يبقى لهم شعور وتدبير لدفعها (فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها) عن أنفسهم (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) لتدبير دفعها أو لتوبة ومعذرة ، أو لجبران ما فات منهم بالأعمال الصّالحة (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ) تسلية له (ص) عن استهزاء قومه (فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) اى القول والعمل الّذى كانوا به يستهزؤن ، أو العذاب الّذى كانوا به يستهزؤن (قُلْ) ردّا عليهم في اتّخاذ الآلهة (مَنْ يَكْلَؤُكُمْ) اى يحفظكم (بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ) اى من عقوبته أو من قبله ان أراد بكم سوء والمقصود حملهم على الإقرار بعجز الآلهة ، وهذه الآية مثل سوابقها تعريض بمن اتّخذ من دون علىّ (ع) أولياء (بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ) تذكّر ربّهم المطلق أو ربّهم المضاف أو عمّا يذكّرهم به ربّهم من الآيات الآفاقيّة والانفسيّة والآيات العظمى الّتى أعظمها علىّ (ع) ، أو المراد بذكر ربّهم القرآن أو محمّد (ص) أو علىّ (ع) ابتداء (مُعْرِضُونَ) ولهذا لا يتذكّرون انّ آلهتهم عاجزون وان ليس الحافظ من سخط الله الّا الله (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ) عطف باعتبار المعنى كأنّه قال : الهم آلهة تكلؤهم من عقوبة الرّحمن أو حالكونها من قبل الرّحمن أم لهم آلهة (تَمْنَعُهُمْ) من عذابنا أو من حوادث الزّمان حالكونها (مِنْ دُونِنا) من غيرنا أو حالكونها من عندنا (لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ) استيناف جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : فما شأن آلهتهم؟ ـ فقال : لا يستطيعون نصر أنفسهم فكيف بغيرهم (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) اى يحفظون من : اصحب فلانا واصطحبه اى حفظه ومنعه ، والمعنى انّ آلهتهم لا يستطيعون نصر أنفسهم وليسوا بأنفسهم محفوظين من قبلنا ، أو ليسوا محفوظين من عذابنا لا بأنفسهم ولا بغيرهم (بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ) يعنى ليس لهم آلهة بل متّعنا هؤلاء (وَآباءَهُمْ) بالأموال والأولاد والاعمار والصّحّة والأمن (حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) فاغترّوا بتمتيعنا واتّبعوا أهواءهم (مَتَّعْنا) اغترّوا بتمتيعنا وغفلوا عن الرّجوع إلينا