والاخرويّة في العالم وانّه أشرف بقاع الأرض من حيث النّعم الصّوريّة (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ) بعد خروجه الى الشّام وبقائه فيها مدّة مديدة (وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) عطيّة فانّ النّافلة العطيّة والغنيمة والنّفل النّفع (وَكُلًّا) اى كلّ الاربعة أو الثّلاثة أو الاثنين (جَعَلْنا صالِحِينَ وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) لا بأمر الشّيطان ولا بأمر أنفسهم ولا بشراكة شيء منهما (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ) مثل الوحي الى رسلنا فانّهم كانوا رسلا (فِعْلَ الْخَيْراتِ) مطلقة (وَإِقامَ الصَّلاةِ) مخصوصة أسقط التّاء عن المصدر لقيام المضاف اليه مقامه (وَإِيتاءَ الزَّكاةِ) مخصوصة لكون الصّلوة والزّكاة اهمّ الخيرات بل لان ليس الخيرات الّا الصّلوة والزّكاة ولذلك صرّح بهما بعد ذكرهما عموما (وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) لا لغيرنا من الشّيطان والنّفس والهوى ، اشارة الى مقام الإخلاص الّذى هو قرّة عين السّالكين (وَلُوطاً) عطف على كلّا أو على مفعول جعلناهم عطف المفرد ، أو منصوب من باب الاشتغال ، والجملة معطوفة على جملة كلّا جعلنا صالحين (آتَيْناهُ حُكْماً) حكمة عمليّة (وَعِلْماً) تنكير الحكم والعلم للاشارة الى انّ ما آتاه كان يسيرا من كثير (وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ) في اسناد عمل الخبائث الى القرية مجاز عقلىّ أو في اطلاق القرية على أهلها مجاز لغوىّ ، أو هو مجاز في الحذف (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ) بفتح السّين اسم من المسماءة ، واضافة القوم اليه للاشعار بالمبالغة في مساءتهم كأنّهم صاروا قوما له ومنتسبين اليه (فاسِقِينَ وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا) في دار رحمتنا أو في رحمتنا الّتى هي الولاية بان حقّقناه بها (إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) المستعدّين لذلك فلم يكن فعلنا جزافا من غير سبب (وَنُوحاً) عطف على لوطا ، أو على مفعول نجّينا ، أو بتقدير سمعنا أو شرّفنا أو اذكر أو ذكّر (إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ) تكرار نجّينا للتّأكيد ولعطف اهله على المفعول ، ولتعيين ما نجّى منه فانّه نجّى (مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) الّذى لم يبتل أحد من الأنبياء به وهو غرق تمام الدّنيا وأهلها أو شدّة أذى قومه (وَنَصَرْناهُ) اى نجّيناه بالنّصرة (مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) الآفاقيّة من الآيات العظام والصّغار والانفسيّة من الواردات الالهيّة والزّاجرات العقلانيّة والملكيّة والمنامات المنذرة والمبشّرة (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ وَداوُدَ) عطف على نوحا أو هو بتقدير فعل محذوف مثل نوحا (وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ) في الزّرع أو الكرم (إِذْ نَفَشَتْ) بدل من إذ يحكمان أو ظرف ليحكمان (فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) جملة حاليّة بتقدير قد أو معطوفة على يحكمان أو نفشت والإتيان بالمضارع بعد إذ وفى القضايا الماضية لجعل إذ منسلخة عن المضىّ أو لتصوير الماضي بصورة الحال المشهودة ، والمقصود من قوله (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) اى عالمين أو حاضرين انّ حكمهم لم يكن في غببة منّا حتّى لا يتميّز الحقّ من الباطل عندنا ، أو كانا عالمين حين الحكم بانّهما كانا في مشهدنا فلم يتفوّها بآرائهما بل بوحي منّا فلا يقول أحد انّهما حكما بالاجتهاد وخالفا أحدهما الآخر كما قيل ذلك ، والإتيان بضمير الجمع في قوله لحكمهم للاشعار بانّ الحاكمين كانوا متعدّدين لانّ داود (ع) جمع جميع أولاده للامتحان ، ويجوز إرجاع الضّمير الى المتحاكمين والى مجموع الحاكمين والمتحاكمين (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ) يعنى أوحينا الى سليمان الحكومة أو الغنم من حيث حكم الإضرار بحسب اقتضاء الوقت فكان حكمه ناسخا لما كان سابقا فلم يكن تفهيمنا سليمان تجهيلا لداود (ع)