يؤمنون بآيات ربّهم بالبيعة العامّة أو الخاصّة أو الّذين يؤمنون بالبيعة العامّة أو الخاصّة بسبب آيات ربّهم بان صارت الآيات الآفاقيّة والانفسيّة سببا لان يتوجّهوا الى الأنبياء (ع) فأسلموا على أيديهم بالبيعة العامّة ، أو الى الأولياء فآمنوا على أيديهم بالبيعة الخاصّة والّذين هم بعد الإسلام أو الايمان (وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ) المضاف وهو ربّهم في الولاية (لا يُشْرِكُونَ) بان بايعوا على أيدي غيرهم أو توجّهوا الى غيرهم أو أطاعوا غيرهم أو اتّبعوا أهواءهم (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا) يعطون ما أعطوا من الصّدقات أو من جملة الأعمال الالهيّة وقرئ يأتون ما أتوا من الثّلاثىّ المجرّد يعنى يأتون بما أتوا اى يفعلون ما فعلوا (وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) خائفة من تقصيرهم في الأعمال لانّهم يعملون انّهم لا يستطيعون ان يجاهدوا في الله حقّ جهاده ولا يجاهدون فيه حقّ جهادهم وفسّر في أخبارنا هكذا وهو خائف راج ، ونقل انّ المؤمن جمع إحسانا وشفقة والمنافق جمع إساءة وامتنانا (أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ) يعنى قلوبهم وجلة بسبب انّهم كانوا في الرّجوع والسّلوك الى الله أو الى ربّهم المضاف ، أو قلوبهم وجلة من انّهم يرجعون بعد الى الله أو الى ربّهم المضاف مع تقصير ، أو قلوبهم وجلة من فوت الرّجوع الى ربّهم ومن انّه لا يمكنهم الرّجوع الى الحضور عند الرّبّ المضاف بالفكر المصطلح للصّوفيّة الّذى هو تمثّل صورة الشّيخ عند السّالك ، أو قلوبهم وجلة لانّهم كانوا في السّلوك الى ربّهم المضاف وكلّما قربوا منه استشعروا بعظمته أكثر من السّابق وكلّما استشعروا بعظمته اشتدّت الخشية والهيبة منه عليهم وفي خبر عن أمير المؤمنين ثمّ قال : ما الّذى آتوا ، آتوا والله الطّاعة مع المحبّة والولاية وهم في ذلك خائفون ليس خوفهم خوف شكّ ولكنّهم خافوا ان يكونوا مقصّرين في محبّتنا وطاعتنا (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) في مقابل (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ) وانّما نسب الفعل هاهنا إليهم للاشعار بانّ عملهم واوصافهم المذكورة وان لم تكن سببا فاعليّا للخيرات ومسارعتها لكنّها سبب قابلىّ لها وانّهم ان وصلوا الى خير كان ذلك بعملهم بخلاف المسارعة هناك لانّها كانت هناك عبارة عن الأمداد بالمال والبنين وليس ذلك الّا من الله وليس مسارعة في الخيرات بل استدراجا ومسارعة من الله في العقوبة (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ)(وَهُمْ لَها سابِقُونَ) اى لأجلها متّصفون بالسّبق ، أو سابقون النّاس في القرب عند الله أو سابقون النّاس الى الطّاعة أو الثّواب أو الجنّة أو هم آخذون لها قبل الآخرة أو قبل النّاس وعلى هذا يكون اللّام زائدة للتّقوية (وَلا نُكَلِّفُ) عطف فيه رفع توهّم فانّه قد يتوهّم متوهّم انّه لا يمكن الجمع بين تلك الأوصاف بحقائقها ، أو يتوهّم انّ الفرحين بما عندهم لا يقدرون على الاقدام على الأوصاف فرفع ذلك بقوله (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) الوسع مثلّثة الواو الجدة والطّاقة يعنى لا نكلّف نفسا الّا بقدر طاقتها أو ما يسعه طاقتها بان يكون دون طاقتها (وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِ) رفع توهّم آخر فانّه قد يتوهّم انّ الأمداد بالأموال والبنين أبطرهم فلا ينبغي ان يمدّهم الله فقال : انّ امدادنا واستدراجنا كان بسوء فعلهم ولدينا كتاب هو كتاب أعمالهم الّذى يكتبه الحفظة أو كتاب هو الكتاب السّابق على وجودهم من الألواح العالية ينطق بالحقّ ، نسبة النّطق الى الكتاب مجاز أو لانّ الكتب العالية كلّها حيوة وعلم وشعور ونطق (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) بزيادة العقاب أو بالعقوبة من دون استحقاق (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ) في غفلة غامرة (مِنْ هذا) الكتاب أو ممّا ذكر من أوصاف الأخيار السّابقين أو من اتّصاف الأخيار بتلك الأوصاف أو من القرآن كما في تفسير القمّىّ (وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ) التّفرّق