وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون فيعلم الشيء قبل كونه ومع كونه على ما هو عليه لا إله إلا هو ولا رب سواه ، ولا راد لما قدّره وأمضاه.
(ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ (١٧) إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (١٨)
يقول تعالى ما ينبغي للمشركين بالله أن يعمروا مساجد الله التي بنيت على اسمه وحده لا شريك له ، ومن قرأ مسجد الله فأراد به المسجد الحرام أشرف المساجد في الأرض الذي بني من أول يوم على عبادة الله وحده لا شريك له ، وأسسه خليل الرحمن ، هذا وهم شاهدون على أنفسهم بالكفر أي بحالهم وقال لهم كما قال السدي : لو سألت النصراني ما دينك؟ لقال نصراني ، ولو سألت اليهودي ما دينك؟ لقال يهودي ، والصابئ لقال صابئ ، والمشرك لقال مشرك (١).
(أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) أي بشركهم (وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ) وقال تعالى : (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [الأنفال : ٣٤] ولهذا قال تعالى : (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فشهد تعالى بالإيمان لعمار المساجد كما قال الإمام أحمد (٢) : حدثنا شريح ، حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث ، أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان». قال الله تعالى : (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ورواه الترمذي (٣) وابن مردويه والحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن وهب به.
وقال عبد الرحمن بن حميد في مسنده : حدثنا يونس بن محمّد حدثنا صالح المري عن ثابت البناني عن ميمون بن سياه وجعفر بن زيد عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنما عمار المساجد هم أهل الله» ورواه الحافظ أبو بكر البزار : عن عبد الواحد بن غياث عن صالح بن بشير المري عن ثابت عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنما عمار المساجد هم أهل الله» ثم قال : لا نعلم رواه عن ثابت غير صالح ، وقد روى الدار قطني في الأفراد من طريق حكامة بنت عثمان بن دينار عن أبيها عن أخيه مالك بن دينار عن أنس مرفوعا «إذا أراد الله بقوم عاهة نظر إلى أهل المساجد فصرف عنهم» ثم قال : غريب ، وروى الحافظ البهائي في
__________________
(١) انظر تفسير الطبري ٦ / ٣٣٤.
(٢) المسند ٣ / ٦٨ ، ٧٦.
(٣) كتاب التفسير ، تفسير سورة ٩ ، باب ٨.