سورة يونس
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (١) أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ) (٢)
أما الحروف المقطعة في أوائل السور فقد تقدم الكلام عليها في أوائل سورة البقرة ، وقال أبو الضحى عن ابن عباس في قوله تعالى : (الر) أي أنا الله أرى (١). وكذلك قال الضحاك. وغيره (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) أي هذه آيات القرآن المحكم المبين وقال مجاهد (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ). وقال الحسن : التوراة والزبور ، وقال قتادة : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) قال الكتب التي كانت قبل القرآن ، وهذا القول لا أعرف وجهه ولا معناه.
وقوله (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً) الآية. يقول تعالى منكرا على من تعجب من الكفار من إرسال المرسلين من البشر كما أخبر تعالى عن القرون الماضين من قولهم : (أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) [التغابن : ٦] وقال هود وصالح لقومهما : (أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ) [الأعراف : ٦٣ ـ ٦٩] وقال تعالى مخبرا عن كفار قريش أنهم قالوا : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) [ص : ٥] وقال الضحاك عن ابن عباس : لما بعث الله تعالى محمدا صلىاللهعليهوسلم رسولا أنكرت العرب ذلك أو من أنكر منهم فقالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا مثل محمد قال فأنزل الله عزوجل (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً) (٢) الآية.
وقوله : (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) اختلفوا فيه فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ) يقول سبقت لهم السعادة في الذكر الأول (٣) وقال العوفي عن ابن عباس (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) يقول : أجرا حسنا بما قدموا (٤) وكذا قال الضحاك والربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهذا كقوله تعالى : (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً) [الكهف : ٢] الآية ، وقال مجاهد (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) قال الأعمال الصالحة صلاتهم وصومهم وصدقتهم وتسبيحهم قال : ومحمد صلىاللهعليهوسلم يشفع لهم ، وكذا قال
__________________
(١) انظر تفسير الطبري ٦ / ٥٢٥.
(٢) انظر تفسير الطبري ٦ / ٥٢٧.
(٣) انظر تفسير الطبري ٦ / ٥٢٨.
(٤) تفسير الطبري ٦ / ٥٢٨.