أن يدخله الجنة ، أو يرده إلى منزله بما نال من أجر أو غنيمة» (١) ولهذا قال الله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ومن هذا القبيل ما رواه الإمام أحمد (٢) : حدثنا محمد بن أبي عدي عن حميد عن أنس أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لرجل : «أسلم» قال : أجدني كارها قال : «أسلم وإن كنت كارها».
(لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (٤٢)
يقول تعالى موبخا للذين تخلفوا عن النبي صلىاللهعليهوسلم في غزوة تبوك وقعدوا بعد ما استأذنوه في ذلك مظهرين أنهم ذوو أعذار ولم يكونوا كذلك فقال : (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً) قال ابن عباس : غنيمة قريبة (وَسَفَراً قاصِداً) أي قريبا أيضا (لَاتَّبَعُوكَ) أي لكانوا جاءوا معك لذلك (لكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ) أي المسافة إلى الشام (وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ) أي لكم إذا رجعتم إليهم (لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ) أي لو لم يكن لنا أعذار لخرجنا معكم قال الله تعالى : (يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ).
(عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ (٤٣) لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤) إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ) (٤٥)
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا أبو حصين بن سليمان الرازي حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن عون قال : هل سمعتم بمعاتبة أحسن من هذا؟ نداء بالعفو قبل المعاتبة فقال (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) وكذا قال مورق العجلي وغيره. وقال قتادة : عاتبه كما تسمعون ثم أنزل التي في سورة النور فرخص له في أن يأذن لهم إن شاء فقال (فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ) [النور : ٦٢] الآية (٣). وكذا روي عن عطاء الخراساني ، وقال مجاهد : نزلت هذه الآية في أناس قالوا : استأذنوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإن أذن لكم فاقعدوا وإن لم يأذن لكم فاقعدوا (٤).
__________________
(١) أخرجه البخاري في التوحيد باب ٢٨ ، ٣٠ ، ومسلم في الإمارة حديث ١٠٤ ، وأحمد في المسند ٢ / ٢٣١ ، ٣٧٤ ، ٣٩٩ ، ٤٢٤ ، ٤٩٤.
(٢) المسند ٣ / ١٠٩ ، ١٨١.
(٣) انظر تفسير الطبري ٦ / ٣٨١.
(٤) تفسير الطبري ٦ / ٣٨١.